السؤال
أردت أن أشتري بيتا، نظرا لأني رب أسرة، وليس لدي شقة لأسرتي، فاضطررت أن أطلب مبلغا من أخي، مقداره 50 ألف جنيه، وقد ربيته مع أمي، فهو يصغرني بست سنوات، وهو بمنزلة ابني، وليس أخي، فوافق، وعند أخذ المبلغ كان مسافرا، وأمي هي من سلمت لي المال، وعند تسليمه، قالت لي: اكتب لأخيك ورقة باستلام المبلغ، فوافقت طاعة لأمي، ولعلمي أنه حق من حقوق الله، فكتبت الورقة، لكن الأمر حز في نفسي، فقررت إعادة المبلغ، واتصلت بصديق لي، وأقرضني المبلغ دون أي ضمانات، ثم تساءلت: كيف للغريب أن يعاملني هكذا، وأمي وأخي يعاملانني بهذه الطريقة!؟
وما حز في نفسي أكثر أن أمي قد تصرفت في مالي في السابق بشكل تسبب أكثر من مرة في خسارتي، وأعطت الغريب والقريب دون أي ضمانات تضمن حقي، وكذلك لم تتابع أبنائي أثناء سفري، ولم تزرهم، ولم تسأل عنهم، وفي نفس الوقت قامت بزيارة إخوتها، وأبناء خالتها يوميا، وكانت تسافر خارج المحافظة لقضاء أيام العطل مع زملائها، لكنها لا تزور أحفادها إلا نادرا، بينما إذا أتت ابنة خالتي، وأبناؤها، فتذهب لزيارتهم، وتأتي بالهدايا، وتبيت معهم أحيانا، بينما لا تفعل مع أبنائي -رغم تعلقهم بها- ما تفعله مع إخوتها، وأقاربها، علما أن أمي تحبهم، ومتعلقة بهم، فما حكم ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فوصيتنا لك -أخانا الكريم- أن تهون الأمر على نفسك، ولا تحملها ما قد لا تستطيع حمله، فتضر نفسك من حيث لا تشعر، خاصة وأن من تتكلم عنها هي أمك، ولا يخفى عليك قدرها، وحقها عليك بصفتك ولدها، وكتابة الدين لا شك أنها أفضل، وفيها امتثال لأمر الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن كتابته مستحبة، وليست واجبة، كما أوضحناه في الفتوى: 121705.
وقد أحسنت بكتابتك دين أخيك؛ طاعة لأمك، ولكون ذلك مأمورا به شرعا.
وينبغي أن تحمل طلبها كتابته على المحمل الحسن، وأنها تريد أن تحفظ لولدها حقه؛ لحاجته، أو لغير ذلك، لا أنها في نفسها شيء تجاهك، أو أنها تخشى خيانتك.
وإن كانت قد أساءت التصرف في مالك سابقا، فلا شك أنها ملومة في ذلك، ولكن لا تترك للشيطان مجالا ليتلاعب بك؛ بمحاولة الربط بين الحادثتين؛ ليوغر صدرك، ويحزنك، ويحاول أن يفسد ما بينك وبين أمك.
وكذلك الحال بالنسبة لعيالك، فقد ذكرت أنها تحبهم، ومتعلقة بهم، فليس هنالك إذن إشكال من هذه الجهة، ولا ندري ما الذي يمنعها من زيارتهم؟ وما طبيعة العلاقة بينها وبين زوجتك؟ فمن المعتاد كثيرا سوء العلاقة بين الزوجة وأم الزوج، فإن كان ثمة شيء من هذا القبيل، فقد يكون هو المانع.
ولو قدر أن كان السبب كونها تحمل شيئا في نفسها تجاهك، فاعمل على مداراتها، وتلطف بها، ووسط أهل الخير ليسعوا في الإصلاح، هذا مع الدعاء بأن يصلح الله الحال.
والله أعلم.