السؤال
بعد موت جدتي -رحمة الله عليها- تنازعت الأخوات في الميراث، وبعد أخذ كل واحدة حقها، شعر ثلاثة منهن بظلم، وانقسمت الأخوات الست إلى ثلاث وثلاث، وتقطعت خيوط المحبة بينهن، فثلاث يصلن بعضهن، ويتركن الثلاث الأخريات، وقد حاولت أن أعقد تلك الخيوط، لكن بلا جدوى، فماذا أفعل في تلك المشكلة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح الحال بين هؤلاء الأخوات، وأن يؤلف بين قلوبهن.
وقد أحسنت في سعيك لجمع الشمل، فجزاك الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتك.
ونوصيك بالاستمرار في هذا السبيل، وعدم اليأس، ولتستعن بالله عز وجل، ثم بمن ترجو أن يقبلن قوله، فإصلاح ذات البين من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، كما سبق بيانه في الفتوى: 50300.
والرحم التي بين هؤلاء الأخوات، شأنها عظيم، فصلتها واجبة، وقطيعتها محرمة، بل وكبيرة من كبائر الذنوب، كما بينا في الفتوى: 31617، والفتوى: 43852.
والدنيا وحطامها أهون وأحقر من أن تقطع الرحم لأجلها، فهي فانية، وما عند الله من الأجر والثواب، هو الذي يبقى، قال تعالى: بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى {الأعلى:16-17}، فينبغي تذكيرهن بمثل هذه المعاني، عسى الله تعالى أن يلين القلوب، ويزيل الكدر، والخصومة.
ومن كانت منهن ظالمة، فلتنصح، وتذكر بالله عز وجل، ويبين لها سوء عاقبة الظلم، وخاصة إن كان بين الأقرباء، وذوي الرحم، وتراجع الفتوى: 22360.
ورد الحق إلى أصحابه، واجب، إلا أن يعفو، فمن مات ظالما، كان القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات، كما في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار، ولا درهم، إن كان له عمل صالح، أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه، فحمل عليه.
ومن أبت إلا الظلم، ولم تتب إلى الله عز وجل، ولم ترد الحق لصاحبته، فينبغي أن تهجر، عسى أن يكون هذا الهجر زاجرا لها، هذا مع العلم أن الهجر يرجع فيه للمصلحة، فإن لم تكن مصلحته راجحة، فالأولى تركه، وانظر الفتوى: 21837.
والله أعلم.