ضرب الأب وربطه لئلا يضيع

0 10

السؤال

عمري 52 سنة، ولي أخوات، وعندما كان عمري 16 سنة كنت أعمل بسبب الفقر والحاجة الذي مررنا به، وقد مرض والدي -رحمه الله- بالكبد، فكان يغيب عقله، ولا يعي شيئا؛ حتى إنه كان يخرج ويضيع، وأبحث عنه أياما وليالي حتى أجده، ووصل الحال إلى أن أقوم بربطه لئلا يخرج، وكان يكره أن أغير له ملابسه، ووصل به الحال أنه كان يتغوط في كل مكان في البيت، وكنت أترجاه ليسمح لي أن أغير ملابسه، فلا يرضى، وكنت أحثه أن يظهر بلباس لائق، وكنت أنفجر بالبكاء المصحوب بضربي له، وما كنت أربطه إلا لأحميه من الضياع، فلا أجده، وما كان ضربي له إلا انفجارا من ضغوط النفس التي كنت أمر عليها، فكيف أكفر عن ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يرحم أباك، ويغفر له، وأن يعفو عنك، ويتوب عليك..

واعلم أن ربطك لأبيك إن كان لصونه عن الوقوع في الهلاك، أو نحو ذلك من مصالحه، ولم يكن هناك سبيل غيره لتحقيق تلك المصلحة، فلا حرج عليك فيه.

وأما ضربك إياه؛ فأيا ما كان السبب الحامل لك عليه، فهو عقوق، وإثم مبين، إذا كنت وقت ذلك بلغت سن التكليف، وكنت في وعيك، لكن مهما عظم الإثم، فإنه لا يعظم على عفو الله، فمن سعة رحمة الله، وعظيم كرمه؛ أن العبد مهما أذنب ثم تاب إلى الله توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، ويعفو عنه، والتوبة تمحو ما قبلها، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات.

فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه من العقوق.

ومن توبتك: أن تكثر من الاستغفار لأبيك، والدعاء له، والصدقة عنه، وصلة الرحم من جهته، وإكرام أصدقائه، قال النووي -رحمه الله- في فتاويه: ... ولكن ينبغي له بعد الندم على ذلك، أن يكثر من الاستغفار لهما، والدعاء، وأن يتصدق عنهما، إن أمكن، وأن يكرم من كانا يحبان إكرامه: من صديق لهما، ونحوه، وأن يصل رحمهما، وأن يقضي دينهما، أو ما تيسر له من ذلك. انتهى.

فإذا فعلت ذلك؛ فالمرجو من الله تعالى قبول توبتك، وانظر الفتوى: 18806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة