طاعة الابن أباه في العمل في وظيفة لا يحبها

0 20

السؤال

أواجه مشكلة نفسية، وضغطا نفسيا وعصبيا بسبب مشكلة بيني وبين والدي في أمر العمل، فجدي يمتلك مكتبة خاصة به، وأنا وأبي نعمل معه بالأجر، وراتبنا الشهري كباقي العمال.
أبي يعمل مع جدي منذ 50 عاما في هذه المكتبة، وأبي يحب هذا العمل جدا، ويتمسك به، وقام بمساعدة جدي في أمور كثيرة في المكتبة؛ مما أدى إلى حب جدي لأبي، والاعتماد عليه اعتمادا كليا في كل شيء، وكبر سن جدي، وأصبح عمره 90 عاما؛ مما أدى إلى اعتماد جدي على أبي في مسؤولية المكتبة، وقام أبي بالإدارة الشاملة لها من بضائع، ورواتب للعمال، وكل شيء فيها، وفي آخر كل شهر من العام يرسل لجدي كل أمواله في حسابه البنكي، ونحن نأخذ راتبا شهريا فقط على هذا الأمر.
عندما كبرت وتخرجت من التعليم، وأصبح عمري 20 عاما، يريد أبي أن يعتمد علي في أشياء كثيرة في هذا العمل الخاص بجدي، وهذا بسبب ضعف أبي، وكبر سنه، ويريد مني أن أتفرغ كامل التفرغ لهذا العمل، وأنا -للأسف- لا أحب هذا العمل، وأكرهه كرها شديدا، وأريد أن أعمل شيئا لنفسي خاصا بي أحبه، وأحب الإخلاص فيه، وعملت في المكتبة مدة سنوات وأنا لا أحب العمل فيها، وبسبب عدم حبي لها، وعدم حبي للعمل مع جدي، كانوا يعانون مني في عدم الالتزام بالمواعيد، والغياب الكثير في العمل، وعدم الإخلاص في العمل، وهذا أدى بي إلى ترك العمل فترة؛ بسبب الضغط النفسي، وعدم القدرة على الاستمرار فيه، وفي فترة تركي للعمل كنت مرتاحا جدا نفسيا، ومع ذلك كنت قليل المال، ومدينا، ولكني كنت مرتاحا جدا بعيدا عن ذلك المكان.
أبي عنده أمل أن يكون في يوم من الأيام صاحب هذا المكان، ويكون له، ولكني دائما أفكر في هذا الأمر خوفا وقلقا أن يجري هذا بالفعل، وأنا لا أحبه، ولا أحب العمل فيه، ولا أحب العمل مع أبي؛ بسبب عصبيته، وأسلوبه السيئ معي، فماذا أقول لأبي حتى أرتاح نفسيا، ونحل هذه المشكلة التي جعلت مني إنسانا عصبيا متعبا نفسيا؟ والمشكلة أن أبي لا يقول لي في حياتي: ماذا تحب لأساعدك فيه، فهو ينظر لما يحب هو فقط، ولا يشعر بي، ولا بتعبي النفسي، وهو كذلك يراني أنظر لما أحب، ويرى أني لا أرى مستقبلي بشكل جيد؛ بسبب تفكيري في ترك هذا المكان، فكل منا ينظر لما يحب، فماذا أفعل معه حتى يرتاح ضميري، وأركز في العمل على مستقبلي؟ أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان عملك مع أبيك في المكتبة، لا يضرك، ولا يضيع عليك شيئا من مصالح دينك، أو دنياك، فالواجب عليك طاعته في هذا العمل، وليس لك مخالفته؛ لمجرد عدم ارتياحك لهذا العمل.

أما إذا كان عليك ضرر في هذا العمل، فلا حرج عليك في تركه، والبحث عن عمل آخر، قال ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره، وجب، وإلا فلا. انتهى.

وسواء عملت مع أبيك أم تركته وعملت في موضع آخر؛ فإن عليك بر أبيك، والإحسان إليه، ولا يجوز لك أن تقطعه، أو تسيء إليه، أو تقصر في رعايته وصلته، فحق الوالد عظيم، وبره والإحسان إليه من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي: خير الأبواب وأعلاها. والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية، مطاوعة الوالد، ومراعاة جانبه. انتهى.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة