السؤال
أنا امرأة مسلمة مجاهدة لنفسي كثيرا، وأرغمها على طاعة الله وحده -سبحانه وتعالى-، عملت جدولا للعبادات اليومية -من الصلوات، وسننها الرواتب، والضحى، والوتر، وذكر الله، والاستغفار، وأذكار الصباح والمساء، وحفظ وقراءة القرآن-، وأحاول ان ألتزم بها، وبعد فترة من الالتزام تمل نفسي، وأبتعد قليلا، وربما أرتكب بعض الذنوب والمعاصي؛ فأندم كثيرا، وأحتقر نفسي، وأتوب إلى الله، وأنا أعلم أني سأعود للملل والذنوب؛ رغم كرهي الشديد لذلك، وأني سأترك الالتزام؛ رغم حبي الشديد لطاعة ربي.
أنا الآن فاقدة الأمل في إصلاح نفسي، وأحتقرها كثيرا، وتوقفت عن كل ما كان يسعدني؛ حتى التفكير في الإصلاح، والحلم بالتقدم، والتخطيط للمستقبل، حتى حديث النفس الداخلي أسكته، فأفيدوني؛ فأنا لم أعد قادرة على مواصلة حياتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يبارك فيك، ويزيدك حرصا على الخير.
وإياك والتكاسل، والاستسلام للشيطان، بل استمري في عبادة ربك، والقيام بما تقومين به من النوافل.
واعلمي أن الملل والفتور يعتري كل سالك سبيل القرب من الله تعالى، فمن أصابه ذلك، فليسدد، وليقارب، كما قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: فتخلل الفترات للسالكين، أمر لازم، لا بد منه: فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه من فرض، ولم تدخله في محرم: رجا له أن يعود خيرا مما كان. اهــ.
فإذا أصابك الملل، فجاهدي نفسك برفق لطرده عنك، والاستمرار في العبادة.
واعلمي أنك لا تذوقين حقيقة لذة الطاعة، وحلاوة العبادة إلا بالمجاهدة، والمصابرة، وانظري الفتوى: 139680.
ثم اعلمي أن الشيطان لك بالمرصاد، فهو لن يتركك وشأنك، بل هو حريص كل الحرص على إضلالك وإغوائك، فكوني يقظة منتبهة.
وكلما واقعت شيئا من الذنوب، فليس ذلك نهاية المطاف، بل عودي من فورك، وتوبي إلى الله تعالى؛ فإن الله هو التواب الرحيم، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومهما تكرر منك الذنب، فكرري التوبة.
وخلاصة القول: إن لكل عابد زمن نشاط يجتهد فيه، وزمن فتور، ولكن الموفق من كان فتوره لا يخرجه من واجب، ولا يدخله في حرام، فاحرصي على أن تكون فترتك على سبيل وسنة، وانظري الفتوى: 223903.
والله أعلم.