السؤال
أنا في حالة رعب من أن يتوفى الله أحدا من أهلي أو أحبابي، وأفكر في الانتحار قبل أن أرى ذلك اليوم، فأنا أحب أمي وأبي جدا، وأخاف عليهما جدا، وأتمنى أن أفديهما بروحي، وأن أموت قبلهما، وهذا التفكير ينغص علي حياتي كلها، ولا أستطيع أن أفعل شيئا، خاصة أن والدتي مريضة هذه الأيام، ولا أستطيع النوم، فأريد نصيحة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنصيحة المبذولة لك هي: أن توطني نفسك على الرضا بقضاء الله تعالى، والتسليم لحكمه، وأن تعلمي أن قضاء الله تعالى كله خير، وأنه لن تموت نفس إلا بإذن الله كتابا مؤجلا، وأنه إذا جاء الأجل، فإنه لا يستأخر ساعة ولا يستقدم، قال الله تعالى: ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها {المنافقون:11}.
والموت قد كتبه الله على جميع الخلائق، قال تعالى: كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام {الرحمن:26-27}، وليس الموت نهاية المطاف، بل بعد الموت نعيم، أو عذاب في القبر، ثم يبعث الناس لرب العالمين، فيوفيهم أجورهم.
فلا داعي البتة لهذا القلق، ولا لهذا الرعب؛ فإن ما قضاه الله كائن لا محالة، وما كتبه الله لن يؤثر فيه خوفك، بل هو واقع ولا بد.
وعلى المسلم أن يوطن نفسه على الرضا بالقدر حلوه ومره، والتسليم لما يحكم الله به، عالما أنه الرحمة، والحكمة، والمصلحة.
وتعلق العبد بربه تعالى، واجتهاده في عبادته، يهون عليه خطوب الدنيا، ومصائبها.
فسلي الله لوالديك وأحبتك طول العمر في حسن عمل، ولا تفكري في شيء مما تفكرين فيه؛ فإنه من إلقاء الشيطان في قلبك؛ ليفسد عليك حياتك، ويمنعك الاستمتاع بها.
واجتهدي في طاعة الله، واعرفي واجب الوقت، واشتغلي بما عليك فعله في الساعة الراهنة، تاركة أمر الغد وما يحويه لله تبارك وتعالى، يدبره كيف يشاء، عالمة أن قدر الله كله خير، وأن الله تعالى محمود على جميع أقضيته.
وإذا وقع ما تكرهين، فليس إلا الصبر، والتسليم، وانتظار ثواب الله في الآخرة، وأن يجمعك في جنته بأحبتك جمعا لا افتراق بعده.
وبخصوص الانتحار، راجعي الفتوى: 10397.
والله أعلم.