0 23

السؤال

أرجو من حضراتكم الدعاء لي بالهداية والتوفيق.
أنا شاب متزوج منذ سنتين، أبلغ من العمر 31 عاما، ولدي طفلة، ولله الحمد. وقد كنت ملتزما بشعائر الدين الحنيف حتى بداية زواجي تقريبا حينها بدأ كل شيء في الانهيار -للأسف- على الرغم من محاولاتي البائسة للاستمساك بطوق النجاة، ولكني مع الأسف الشديد لم أعد أقوى على شيء، إنها فتنة النساء التي انتزعتني من رعاية الرحمن إلى مسالك الشيطان. فلم أعد أقوى على الصلاة لكثرة الجنابة، واتباع النظر في المحرمات.
الزواج يعتبر حلا مثاليا لمثل هذه المشكلة، وكذلك غض البصر، والاستعانة بالله، والصبر، والصلاة، والصيام، وأنا أعتقد ذلك تماما، لكن مشكلتي تكمن في زواجي، فبدلا من أن يكتمل نصف ديني ضاع ديني كله، فوا أسفاه على نفسي.
إن زوجتي ذات خلق، وعفة، ودين، ولكنها -والله- ليست جميلة أبدا، وهنا أنا لا أقول إن الجمال هو عيون ملونة، أو شعر أشقر، بل إني أقصد الجمال العادي الذي يحرك نفس الرجل إلى زوجته.
سيلقى علي اللوم بكل تأكيد؛ لأن هذا هو اختياري، فلم يجبرني عليها أحد، إلا ربما الظروف، ومخافة الوقوع في الفتنة؛ حيث إن أمي ما كانت تجد لي فتاة، ولم تكن تراعي مشاعري آنذاك، وقد أخبرتها مرارا بأني خائف على ديني، وبأني بحاجة للزواج، ولكني لم أشعر بأنها كانت تهتم لهذا الأمر بشكل جدي، فحسبنا الله ونعم الوكيل؛ ولذلك لم تكن الخيارات واسعة أبدا.
فقبلت بهذه الفتاة على دينها، وقلت في نفسي سيستقر الحال، فوالله إني لا أرى في وجهها أنوثة أبدا، بل إني إذا باشرتها أباشرها وأنا كئيب.
في فترة الخطبة رأت أختي الكبيرة أن هذه الفتاة لا تناسبني، وأخبرت أمي بذلك، ولكن أمي أنكرت عليها، وخشيت أن أسمع هذا الكلام.
ربما تعتبرني أمي مريضا نفسيا، أو ذا شروط عسيرة؛ حيث إني لم أقبل بزوجة تسمع الأغاني، أو لا تصلي، ولا تلبس حجابا شرعيا.
أذكر أنني في مرة من المرات أتيت إلى أمي، وقلت لها: لا أريد هذه الفتاة، فهي ليست جميلة، فغضبت مني، وكنت شديد البر بها، فسكت بعدها، ولم أناقشها في الأمر، فربما كنت شابا غالبا ضعيف الشخصية.
أنا لست ممن يصاحب البنات، ويتخذ خليلات هنا وهناك، فليس لدي خبرة في النساء، وهذا الباب ليس فيه خير.
اليوم تحرقني النيران في داخلي، وأحيانا أقول غاضبا بيني وبين نفسي: لا سامحك الله يا أمي. أشعر أنها خذلتني، وضيعتني.
فماذا أصنع لتجنب فتنة النساء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن معرفة المسلم لما وقع فيه من خطأ، وأنه في حاجة إلى سلوك السبيل الصحيح، دليل على حياة القلب، وقد يكون البداية الحقيقية للتصويب، والرجوع للحق، والتمسك به، وهنالك جملة أمور يمكن أن تعينك في هذا السبيل، ومن ذلك:

أولا: التوجه إلى الله تعالى، والتضرع إليه، والانكسار بين يديه، وهو سبحانه قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة في قوله: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}. وراجع الفتوى: 119608.

ثانيا: قوة العزيمة والإرادة، والصدق مع الله تعالى، فإنه لا يخذل من يصدقه، وقد قال سبحانه: طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم {محمد:21}. وسبق في الفتوى: 111149 بيان كيفية تحقيق الصدق مع الله عز وجل.

ثالثا: المبادرة للتوبة النصوح، وخاصة فيما يتعلق بعدم المحافظة على الصلاة، فترك الصلاة من أكبر الكبائر، ويجب على تاركها أن يبادر إلى التوبة قبل أن يفجأه الموت، وسبق بيان شروط التوبة في الفتوى: 5450.

وينبغي أن تسعى في تحصيل ما يعين على الثبات على سبيل التوبة والاستقامة، ويمكن الاستفادة من بعض التوجيهات التي ضمناها الفتاوى: 10800، 1208، 12928.

رابعا: إن كانت زوجتك هذه لا تعفك، فمن الخطأ أن تسلك السبل الخاطئة في إشباع غريزتك الجنسية، وهنالك من السبل المشروعة التي يمكن أن تحقق بها ذلك، ومنها أن تتزوج من أخرى، وقد نص أهل العلم على أن من لا تعفه زوجة واحدة، ويخشى الوقوع في الزنا يجب عليه الزواج من أخرى إن أمكنه ذلك، وانظر الفتوى: 324304.

 وننبه إلى أنه ليس من حق الوالدين إلزام ابنهما بالزواج من امرأة لا يرغب في الزواج منها، وتراجع الفتوى: 20319.

وإن أساءت أمك في حقك، فليس من حقك الإساءة إليها، والدعاء عليها؛ فهذا منكر عظيم، وعقوق لها، تجب عليك التوبة منه. وراجع الفتوى: 4296.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات