السؤال
كنت قريبة جدا من ربنا، فانتكست، وارتكبت الذنوب، وتقدم لي شاب أحبه جدا، لكن أهلي لم يوافقوا عليه، مع أني أراه مناسبا لي.
أنا غير قادرة على إنهاء الكلام بيننا؛ وقد حاولت كثيرا، ولم أستطع، وأنا غير قادرة على تحمل هذه الذنوب كلها، وأفكر كثيرا في الانتحار من عواقب إحساسي بالذنب، وأني غير قادرة على النظر لنفسي في المرآة، فهل الانتحار خوفا من الذنب كبيرة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أولا- أن من تلبيس إبليس أن يظن ظان أن الانتحار راحة من العذاب؛ لأن الانتحار في الحقيقة انتقال إلى عذاب جهنم -والعياذ بالله-، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن شرب سما، فقتل نفسه؛ فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن تردى من جبل، فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
وفي الحديث الآخر: كان برجل جراح، فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة. رواه البخاري.
وقد عد العلماء الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب؛ للأحاديث السابقة الدالة على عظيم الإثم فيه، قال ابن حجر الهيثمي في كتابه: الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الرابعة عشرة بعد الثلاثمائة: قتل الإنسان لنفسه ... إلخ، وذكر الأدلة من الكتاب والسنة على تحريمه، وأنه من الكبائر.
والتفكير في الانتحار بسبب ذنب، أو ضائقة، أو نحو ذلك، إنما هو استدراج من الشيطان؛ ليوقع العبد في عذاب الله وسخطه؛ تنفيذا لما أوعد به أنه سيضل آدم وذريته، حين قال اللعين: فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين {ص:82}، وقال: لأحتنكن ذريته إلا قليلا {الإسراء:62}.
كما أن التفكير فيه دليل على جهل العبد بأمرين:
أولهما: جهله بربه، وعظيم عفوه، وواسع رحمته؛ فلا يفكر في الانتحار من علم أن الله تعالى واسع المغفرة، لا يتعاظمه ذنب تاب منه العبد أن يغفره.
وثانيهما: جهله بالشرع؛ لأن من عرف أن التوبة تمحو الذنوب، لا يفكر في الانتحار.
فإذا أردت التخلص من عذاب تلك المعصية، فيكفيك أن تتوبي إلى الله تعالى.
فتوبي إلى الله -أيتها السائلة- من محادثة الرجل الأجنبي عنك.
واجتهدي في صرف عقلك وقلبك عن التفكير فيه.
ولعل الخير لك في عدم الزواج به، فقد قال الله تعالى: وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون {البقرة:216}، وانظري الفتوى: 388981، والفتوى: 191513، وكلتاهما عن المحادثة بين الجنسين والتوبة منها، والفتوى: 171717، والفتوى: 275653، والفتوى: 280093 عن موقف الفتاة إذا رفض وليها تزويجها من الخاطب.
والله أعلم.