السؤال
أيها الأفاضل، جزاكم الله كل خير، وجعله الله في ميزان حسناتكم بأن جعلكم الله سببا لترشدوا الناس إلى طريق الصواب.
أنا عمري 22 عاما، أحببت شابا أصغر مني سنا، عنده 16 سنة، وتعلقت به جدا، ويشهد الله على حسن نيتي، أحببت له الخير، وهو مصاحب شباب يدمرون أخلاقه.
نصحته، ففر مني، ولا يريد النصح، فالشباب الذين معه أرادوا أن يصرفوني عنه، لما رأوني أنصحه، بأن يقولوا له: ماذا يريد منك، أي يقترحون عليه أفكارا ليسيء الظن بي ليتركني. فاستمع إليهم، ولم يبال كم أحببته، وقلت له: يا أخي، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. وأيضا أتيت له بحديث الرسول: المرء علي دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. فقال: هذا كان زمان، نحن في عصر غير عصر الرسول.
كثير من أصدقائي قالوا لي: اترك أمر هذا الشاب؛ لأنه فضلهم علي، وقال لي: لا أريدك أن توقفني في طريق؛ سواء معي أحد، أو لا أريدك تأتي إلي في الملعب. أي أنه لا يريد رؤيتي.
فبماذا تنصحونني؟ كيف أدعوه بطريقة صحيحة؟ وكيف أكسب صحبة هذا الشاب؛ فإنه عقله كبير جدا؟ كيف رغم أنه أغلق في وجهي طريقه، ولا أعرف أدعوه، أو أقابله.
أرجوكم ساعدوني، فإن أخي يضيع بسبب هؤلاء الشباب.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حبك الخير لهذا الشاب، وحرصك على مناصحته في أمر لزوم الصحبة الخيرة، واجتناب الصحبة السيئة، جعل الله ذلك في ميران حسناتك.
ونوصيك أيضا بكثرة الدعاء بأن ييسر الله له الهداية وأسبابها، فالدعاء سلاح المؤمن، قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}.
وأسلوب النصيحة وكونها بالحسنى والرفق واللين، واختيار الوقت المناسب لتقديمها، من أفضل ما تؤتي به النصيحة ثمارها، قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين {النحل:125}.
وروى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. هذا بالإضافة إلى ما أرشدنا إليه من الدعاء.
وإن وجدت سبيلا لمواصلة نصحه، أو تسليط آخرين عليه فذاك، وإلا فقد أديت الذي عليك. ونصيحتنا لك أن لا تشغل نفسك بأمره، بل اصرف همتك إلى غير ذلك مما ينفعك في دينك ودنياك.
واعلم أن من يعصي الله تعالى، فحقه أن يبغض في الله بسبب معصيته، وأن المؤمن ينبغي أن يحب لله، ويبغض له سبحانه وتعالى، وراجع الفتوى: 65075. ولمزيد فائدة راجع الفتوى: 22754.
ويجب الحذر من الوقوع في التفاني في المحبة، مما قد يجر إلى ما هو أسوأ، نسأل الله العافية، وقد سبق بيان حكم الحب وأنواعه، والإعجاب الذي هو نوع من العشق المحرم في الفتوى: 8424.
والله أعلم.