السؤال
ما الأعمال التي تلين القلب وترققه؟ وما الأعمال التي يدخل بها الله الرحمة في قلب العبد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأعمال التي تلين القلب وترققه، والتي يدخل الله بها الرحمة في قلب عبده، بحيث يصير راحما للناس، شفيقا عليهم، كثيرة، فمنها:
ذكر الله بخشوع وتضرع، كما قال تعالى: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم {الأنفال:2}، وقال: الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله {الزمر:23}.
ومنها: زيارة القبور، والإكثار من تذكر الموت، وما بعده من الأهوال العظام، والخطوب الجسام.
ومنها: مواساة المساكين، وإطعامهم، وتعاهد اليتامى، والإحسان إليهم، ففي المسند عن أبي هريرة: أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين. قال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في صحيح الترغيب: حسن لغيره.
ومنها -وهو من أهمها-: دعاء الله تعالى؛ فإن الدعاء من أعظم أسلحة المؤمن، وأكبر السبل لتحقيق المرغوب، ودفع المرهوب، قال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم {غافر:60}.
ومن الأعمال المهمة لحصول الرحمة في القلب: مجاهدة النفس لتحصيلها؛ فإن الخلق كما يكون طبعيا، يكون مكتسبا كذلك، فالحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ومن يتصبر، يصبره الله.
فمن جاهد نفسه ليصير رحيما، وليزيل القساوة عن قلبه؛ رجي له حصول ذلك -إن شاء الله-.
ومنها: تذكر ثواب الله للرحماء، فقد روى الترمذي في جامعه -وقال: حسن صحيح- من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
فمن تذكر هذا الثواب العظيم، حرص على سلوك كل السبل المفضية إلى لين قلبه، ونزول الرحمة بالخلق فيه.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الراحمين، الذين يرحمهم برحمته، التي وسعت كل شيء.
والله أعلم.