كيفية النجاة من شرور النفس ووحشة المعصية

0 11

السؤال

لقد أرسلت إليكم كثيرا من الأسئلة، وأعلم أنكم أجبتم، وكانت أجوبتكم نابعة من القلب -إن شاء الله-، ولكني فشلت في إصلاح نفسي، بل إنها فسدت أكثر، فأصبحت لا أنكر المنكر -لا بقلبي، ولا بغيره-، وأصبحت أتكاسل عن الطاعات.
أعلم أنكم أجبتم عن هذه الأسئلة الكثيرة في موقعكم، لكني فشلت، وصرت أغضب بسرعة، وأفقد الإيمان ولذته من قلبي، وقد يئست، فلو أن الله أراد أن يعيدني إليه لأعادني، لكني أجد نفسي في الضلالة.
أنا لا أكثر الأسئلة إلا لأني أريد الحل، لا أعلم ماذا أفعل، أو ماذا أقول، أو بماذا أدعو، وقد أصبح قلبي كالكوز مجخيا، ولن يصلح، وأنا أقول عن نفسي: لا أستحق الهداية.
لم أنس عداوة الشيطان، لكن سبب ذلك هو أنني أدعو، وقلبي فاسد، والله ينظر إلى القلوب.
أدعو كثيرا بالهداية، والإيمان، والمغفرة، ولا أطلب شيئا من الدنيا، وأرضى بأي شيء منها، ولكني أكتب هذه الكلمات، وأبكي، ولا أشعر بالكلام نابعا من قلبي، ولا أعلم كيف أستشعر بقلبي كل هذا، أهو ميت، أم إني ضال زائغ؟
أتعبتكم، ولكن ليس لي أحد أشكو إليه يعينني -بعد الله- غيركم.
منزلي فاسد، وعملي فيه مفاسد، ولا أنكر وجود أشياء جميلة، ولكني ضعيف، وأخاف أن أستمر في الضعف، وأهوي.
المشكلة أني إذا سمعت غناء مثلا؛ يتأثر قلبي به، لكن قلبي مع القرآن كالصخرة.
إن كانت الذنوب تميت القلوب، والتوبة تحييها، فتوبتي غير صحيحة؛ لأني لا أشعر بأني عدت، بل أشعر بأني أبتعد، ولا أرى من نفسي إلا شخصا خسر الدنيا، وسيخسر الآخرة، فماذا أقول؟ وماذا أفعل؟ أنا تائه وضائع جدا. أرشدوني -جزاكم الله خيرا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فليس الأمر بهذا السوء الذي تصوره قطعا، فكونك تستشعر ألم المعصية، ومرارة البعد عن الله تعالى؛ فهذا دال على أن فيك خيرا كثيرا -والحمد لله-.

فعليك أن تستثمر هذا الخير في نفسك، وأن تقبل على الله بإخلاص، وصدق، وأن تعلم أنه لا يرد تائبا، ولا يخيب آملا، فادعه، والجأ إليه بإخلاص، وصدق، وانطرح على أعتابه -سبحانه- انطراح المسكين الذي لا منجى، ولا ملجأ له من الله إلا إليه.

واعلم أن ربك يجيب المضطر إذا دعاه، فإذا دعوته دعاء المضطر، واستغثت به استغاثة الغريق؛ نجاك من شر نفسك، وأزال عنك ما تجد من وحشة المعصية.

واستعن على ذلك بصحبة أهل الخير والصلاح، وبمجاهدة النفس مجاهدة صادقة.

ولا تجزع إذا وقعت في حمأة المعصية، بل بادر معاصيك بتوبة نصوح؛ فإن ربك يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات.

ومهما تكرر منك الذنب، فكرر التوبة، ولا تيأس من رحمة الله، وأدم الوقوف بباب الله؛ فإن من أدمن طرق الباب، أوشك أن يفتح له.

وعليك بتعلم العلم الشرعي؛ فهو الذي يعرفك مكامن الضعف في نفسك، ومواطن القوة فيها؛ فتستغل مواطن قوتك، وتتجنب مكامن ضعفك.

وحافظ على الفرائض، وأكثر من النوافل.

وتفكر في أسماء الرب وصفاته، وفي الآخرة وأحوالها.

واقرأ القرآن بتدبر، واستمع لما ينفعك من المحاضرات، والمواعظ.

وإياك واليأس من رحمة الله؛ فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات