من نقض عهده مع الله كثيرًا، هل يقبل الله توبته؟

0 10

السؤال

أنا شاب تربيت على تعاليم الدين، ولكن الله ابتلاني بذنوب كثيرة، كالانقطاع عن الصلاة فترات، والكذب في العمل، والشتم، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وممارسة العادة السرية، وكل فترة أتوب، وأعاهد ربنا بعدم الرجوع للذنوب مرة أخرى، وكنت في كل مرة أجد أثرا للتوبة علي -كالتأثر، والشعور بتحرك القلب-، لكني أخلف عهدي مع ربنا، وأعود مرة أخرى، وكنت أرى أثر الذنب في حياتي -إما في مشكلة في العمل، وإما في تعب الأولاد-، فأستغفر وأتوب مرة أخرى، وأنتظم في الصلاة في مواعيدها، لكن ليس في المسجد، إلى أن قرأت عن عذاب القبر، فتأثرت وانتظمت في الصلاة في المسجد، وابتعدت عن المحرمات، وصرت أصلي النوافل، وأدعو ربنا أن يغفر لي، لكني لا أجد أثرا في نفسي أو قلبي، ولا أتأثر بالقرآن، وأسرح في الصلاة؛ رغم أني أجتهد أن أذهب مسرعا إلى المسجد عند سماع الأذان.
وهناك صوت دائم من داخلي يقول لي: أنت تفعل هذا لأجل أن يراك الناس، ويقولون: هذا الرجل يصلي، فأستعيذ بربنا كثيرا من الشيطان، لكن وسواس نفسي والشيطان لا يتركني في حالي.
وما يشعرني أن هناك مشكلة كبيرة أني أستيقظ لصلاة الفجر، ولا أستطيع أن أذهب لصلاتها في الجامع وأنام، وأدركها قبل الشروق بالكاد.
أنا الآن أشعر أن الباب قد أغلق في وجهي، ولا يوجد أمل؛ لأني خالفت عهد ربنا الذي عاهدته كثيرا؛ لكني في نفس الوقت أقول: يا رب، ليست لي فرصة إلا أن تفتح لي، وتعفو، فهل لي أمل؟ وهل هناك كفارة للعهود التي لا حصر لها التي عاهدت الله عليها؟ وهل هناك سبيل لتعويض الصلاة التي انقطعت عنها فترة كبيرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فالأمل في فضل الله ورحمته موجود دائما.

ولا يجوز لك أن تيأس من رحمة الله تعالى، مهما عظم ذنبك؛ فإن ربك تعالى هو الغفور الرحيم، والذنب مهما كان عظيما، فإن عفو الله تعالى أعظم.

فثق بعفو الله، وسعة كرمه وجوده، وأحسن ظنك به تعالى، وأقبل عليه بإخلاص، وصدق، موقنا أنه يقبل توبة التائب مهما عظم ذنبه، وأنه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.

وإذا تبت توبة صادقة؛ فإن توبتك تمحو جميع ذنوبك؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

فعليك أن تقبل على ربك تعالى محافظا على الفرائض، مكثرا من النوافل، آخذا بأسباب الاستقامة؛ من صحبة الصالحين، ولزوم الذكر والدعاء، وتجنب أسباب المعصية، ونحو ذلك.

وأما تلك العهود؛ فإنها تجري مجرى النذور في قول شيخ الإسلام ابن تيمية، والذي هو أحوط الأقوال، وانظر الفتوى: 157535.

وعليه؛ فإنه يلزمك للإخلال بها كفارة، وتجب عليك -عند الحنابلة- كفارة واحدة؛ لأن موجب تلك العهود واحد.

ويسعك العمل بهذا القول؛ رفعا للحرج.

وإن أردت الاحتياط؛ فعليك أن تتحرى، وتكفر عن كل عهد منها كفارة مستقلة.

وأما الصلوات المتروكة عمدا، فيجب قضاؤها عند جمهور العلماء، وهو ما نفتي به في موقعنا، ولبيان كيفية القضاء انظر الفتوى: 70806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات