السؤال
ابنة خالتي تقول: إنها أذنبت في حياتها، وتتخبط، ولكنها تجاهد أن تكون إنسانة صالحة، إلا أنها تعاني بشدة من لسانها؛ فهي لا تحب الحديث عن أحد، وإذا ما سمعت أحدا يتحدث عن آخر، تلزم الصمت.
أما فيما يخص من ظلمها، وظلم عائلتها؛ فهي تدعو الله عليهم؛ فهي تكرههم لظلمهم أمها وعائلتها.
وخالتي إنسانة رائعة جدا، ومظلومة جدا منذ صغرها إلى الآن، فهي تعاني من زوج خالتي سيء الطباع، والأخلاق، ولكنها بقيت معه لأجل بنات خالتي؛ فهن في حاجة إليها.
أما ابنة خالتي فقالت لي: إنها تكره ظلم أبيها لهم، ولأمها، وأبوها يكره أخاها بشدة، ويسبه، ويسب أمه بأبشع الكلمات في الشارع، وأمام الجيران، والأقارب، وأنا لا أمدحه، ولكني رأيت بأم عيني أنه شاب لا يعصي أباه، ووالله إنه مطيع إلى درجة أنه لو قال له والده: مت؛ لانتحر، أما أبوه، فهو ظالم، وابنة خالتي تبكي، وتقول: يا ليته ليس ظالما، يا ليتنا عائلة متماسكة، كعائلتكم؛ فأبوها لا يمكن الحديث معه أبدا، ويظلم خالتي منذ زواجهما إلى الآن، وخالتي صابرة -جزاها الله الجنة، وهدى زوجها-، فكيف تكفر عن ذنبها بسبب دعائها على أبيها؟ فهي تتألم، وترغب في عائلة متماسكة محبة مرحة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا في البدء نشكر ابنة خالتك في بذلها الجهد لأن تكون فتاة صالحة -نسأل الله سبحانه أن يحقق لها ذلك-.
وإذا صدقت مع ربها، صدقها، وأعطاها ما تريد.
فنوصيها أولا بكثرة الدعاء، وأن تبذل الأسباب المعينة على الاستقامة؛ من العلم النافع، والعمل الصالح، وحضور مجالس الخير، وصحبة الصالحات، والحذر من صحبة الفاجرات، ونحو ذلك من الأسباب الميسرة للخير، والصلاح، وقد قال الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين {العنكبوت:69}، نقل ابن كثير في تفسير هذه الآية عن عباس الهمداني أبي أحمد -من أهل عكا- أنه قال: الذين يعملون بما يعلمون، يهديهم لما لا يعلمون. اهـ. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى 10800.
ولم نفهم حقيقة ما وقعت فيه من الذنب المشار إليه بالسؤال.
وعلى كل؛ فالتوبة واجبة من كل الذنوب بالإتيان بشروطها، وهي: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وإن تعلق به حق مخلوق، استسمحته فيه، على تفصيل في ذلك، وتفريق بين الحقوق المادية، والحقوق المعنوية، فيمكن مطالعة الفتوى: 18180.
وإن كان أبوها على الحال المذكور في تعامله مع أمها وإخوتها؛ فهو مسيء بذلك إساءة بالغة، وكان الواجب عليه أن يتقي الله فيما استرعاه.
ومهما أساء الأب؛ فلا تجوز الإساءة إليه، ودعاؤها عليه محرم، ونوع من العقوق، يجب عليها التوبة منه، والدعاء له بخير، وبأن يصلح الله بينه وبين أهله.
وينبغي أن تسعى في الصلح، وتوسيط أهل الخير في ذلك، وسؤال الله التوفيق، والله قادر على أن يغير الحال في أسرتها إلى ما تحب وتبتغي، وما ذلك على الله بعزيز.
والله أعلم.