التوبة من الخلوة بالأجنبية المتزوجة التي على وشك الانفصال، والزواج منها بعد طلاقها

0 16

السؤال

تعرفت إلى امرأة، ولم أكن أعلم أنها متزوجة، ومقبلة على الطلاق، وأحببتها، وأحبتني، فتقابلنا وحدنا في خلوة، وفعلنا كما يفعل الزوجان، دون إدخال، لكن تم ملامسة فرجها، فهل هذا زنى؟ وأريد أن يتوب الله علي، مع العلم أننا متفقون على الزواج بعد طلاقها بعلم أهلها، فأرجو المساعدة والإفادة؛ لأني أحفظ كتاب الله، ولا أترك صلاة أبدا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالتعارف بين الرجال والنساء الأجنبيات، وما يحصل من الكلام، والمراسلة دون حاجة معتبرة؛ باب فتنة، وفساد.

وإذا وصل الحال إلى الخلوة، والمباشرة؛ فتلك معصية ظاهرة، وإثم مبين.

وعدم حصول الزنى الحقيقي الذي هو إيلاج الفرج في الفرج؛ لا يعني أن ما دون ذلك هين، فقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم زنى؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج، ويكذبه.

قال النووي -رحمه الله- في شرحه على مسلم: فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازا؛ بالنظر الحرام، أو الاستماع إلى الزنى، وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد؛ بأن يمس أجنبية بيده، أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنى، أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب، فكل هذه أنواع من الزنى المجازي، والفرج يصدق ذلك كله، أو يكذبه، معناه: أنه قد يحقق الزنى بالفرج، وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج، وإن قارب ذلك. والله أعلم. انتهى.

وقد جاء وعيد شديد في مجرد مس الأجنبية، ففي المعجم الكبير للطبراني عن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد؛ خير له من أن يمس امرأة لا تحل له.

قال المناوي -رحمه الله- في التيسير بشرح الجامع الصغير: وإذا كان هذا في مجرد المس، فما بالك بما فوقه من نحو قبلة، ومباشرة!؟ انتهى.

ويشتد الإثم، وتعظم المصيبة بإفساد المرأة على زوجها؛ فهو من كبائر المحرمات، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خبب زوجة امرئ، أو مملوكه؛ فليس منا.

قال المناوي -رحمه الله- في التنوير شرح الجامع الصغير: أي: خدع، وأفسد (زوجة امرئ) أي رجل كان. انتهى.

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: فأما المرأة المزوجة؛ فلا يجوز أن تخطب تصريحا، ولا تعريضا، بل ذلك تخبيب للمرأة على زوجها، وهو من أقبح المعاصي. انتهى.

وقد ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خببها على زوجها؛ معاقبة له بنقيض قصده، وانظر الفتوى: 118100.

فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى؛ والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.

ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.

فاقطع كل علاقة بتلك المرأة، واصدق في توبتك.

وإذا لم تكن متزوجا؛ فبادر بالزواج من امرأة صالحة تعفك، واتق الله تعالى، واستحي منه، واحذر أن يكون القرآن حجة عليك؛ فحامل القرآن إذا لم يعمل به؛ كان على خطر عظيم، جاء في كتاب التذكرة في الوعظ لابن الجوزي -رحمه الله-: روي عن أبي سليمان الداراني -رحمه الله عليه- أنه قال: الزبانية يوم القيامة أسرع إلى حملة القرآن، يعصون الله بعد قراءته، منهم إلى عبدة الأوثان؛ غضبا عليهم حين عصوا الله بعد القرآن، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: رب تال للقرآن، والقرآن يلعنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات