السؤال
أنا أم لثلاثة أطفال، وزوجة لزوج عظيم، يحبني، ولا يبخل علينا بشيء، وقعت في المعصية، وتعرفت إلى شخص عن طريق الإنترنت، ومارست معه الفاحشة أكثر من مرة، وبعت له ثلاث قطع من ذهبي؛ لأنه محتاج للمال، وتوجهت التهمة تلقائيا لأخي زوجي؛ لسوء سلوكه.
أشعر بالخزي من نفسي، والندم الشديد، وأريد التوبة، وأنا حاليا أصلح من حالي، وأتقرب من الله، ومن زوجي، وأولادي، وأشعر بالذنب دائما، وأن الله لن يغفر لي، وأبكي خوفا من الله، فماذا أفعل مع زوجي، فهو لن يسامحني أبدا؟ وماذا أفعل كي تقبل توبتي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن رزقها الله زوجا صالحا يحسن عشرتها؛ فقد أنعم الله عليها بنعمة عظيمة، وحق النعمة أن تشكر لا أن تكفر.
ولا ريب في أن وقوعك في الفاحشة؛ من أشد أنواع كفران النعمة، ومن أفحش الذنوب، وهو خيانة للأمانة؛ فالمرأة مؤتمنة على عرض زوجها، وماله، قال تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله {النساء:34}، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: قال السدي، وغيره: أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله. انتهى.
لكن مهما عظم الذنب؛ فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. {الزمر:53}، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني؛ غفرت لك على ما كان منك، ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني؛ غفرت لك، ولا أبالي. يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة. أخرجه الترمذي.
بل إن الله تعالى يحب التوابين، ويفرح بتوبتهم، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تمحو أثر الذنب، ففي سنن ابن ماجه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب.
ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.
وعليك أن تنفي التهمة بالسرقة عن أخي زوجك، من غير أن تخبري بمعصيتك، ويجوز لك استعمال المعاريض، والتورية من أجل ذلك. وراجعي الفتوى: 68919.
فإن كنت تائبة إلى الله توبة صادقة، فاثبتي على توبتك، وأغلقي كل أبواب الفتن، واجتنبي كل أسبابها، ولا تخبري زوجك، أو غيره بما وقعت فيه من المعصية.
وأكثري من الأعمال الصالحة، والحسنات الماحية، وأبشري بقبول التوبة -بإذن الله-.
والله أعلم.