الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن شعورك بأنك في حالة تدهور، وانتكاس؛ دليل على أن فيك خيرا، وأن في قلبك حياة؛ فالقلب الميت لا يحس، ولا يتألم.
هذا بالإضافة إلى إدراكك أنك في حاجة إلى العودة إلى الله، وصحوة من هذه الغفلة -نسأل الله تعالى أن يحقق لك ذلك-.
ونوصيك بالتضرع، والالتجاء إليه؛ فهو قريب مجيب، أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، قال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.
وسلوك طريق الاستقامة يحتاج منك إلى مجاهدة النفس، وصدق العزيمة، فإن فعلت ما هو مطلوب منك من هذه الجهة؛ فأبشري بتوفيق الله لك؛ فهو القائل: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين {العنكبوت:69}.
جاء في كتاب بريقة محمودية: فمن كان مراده الهداية من الله تعالى؛ فلا بد أن يحصل المجاهدة؛ لأنه جعل المجاهدة علة عادية لهدايته.... اهـ. ثم ذكر بعد ذلك هذه الآية من سورة العنكبوت.
ومشاهدة الأفلام الإباحية، أمر محرم بلا شك، والواجب عليك المبادرة للتوبة منها فورا.
وتكلفك الندم؛ سيقودك إلى خير -إن شاء الله-؛ فلا تيأسي؛ فالشيء المتكلف سيصبح بالصبر عليه سجية؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم. ومن يتحرى الخير؛ يعطه، ومن يتوقى الشر؛ يوقه. رواه الطبراني، والبيهقي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-.
وما أسميته بأحلام اليقظة؛ فيختلف الحكم فيها باختلاف الأحوال:
فإن كانت هذه الخواطر تمر بقلبك، فتقومين برفضها، ومدافعتها، ولا تتركين لها مجالا للاستقرار في قلبك؛ فلا تؤاخذين بها، ولكن الإشكال فيما إذا استقرت في قلبك، واستأنست بها نفسك؛ فقد تؤاخذين بسببها، قال ابن حجر في فتح الباري: قال النووي: في الآية دليل على المذهب الصحيح أن أفعال القلوب يؤاخذ بها، إن استقرت.
وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تكلم به، أو تعمل؛ فمحمول على ما إذا لم تستقر.
قلت (أي: ابن حجر): ويمكن أن يستدل لذلك من عموم قوله: (أو تعمل)؛ لأن الاعتقاد هو عمل القلب. اهـ.
ومما يعين على التوقف عنها ما أرشدنا إليه سابقا من توجيهات -كالدعاء، ومجاهدة النفس، والصدق-، هذا بالإضافة إلى استحضارك العواقب المؤلمة التي أورثتك إياها هذه الخواطر السيئة.
فاجتهدي في حراسة خواطرك، وصرف همتك إلى منافع دينك، ودنياك.
ولعل من المناسب أن ننقل هنا كلمة قيمة لابن القيم في كتاب: "طريق الهجرتين"، حيث قال -رحمه الله تعالى-: قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال، والأقوال، والأعمال، وهي شيئان:
أحدهما: حراسة الخواطر، وحفظها، والحذر من إهمالها، والاسترسال معها؛ فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء؛ لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها؛ تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى؛ حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه؛ حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها؛ حتى تثمر الأعمال. اهـ.
ثم إننا نوصيك بالحرص على الصوم، والصحبة الصالحة، وسؤال الله عز وجل أن يرزقك الزوج الصالح، وبذل الأسباب في هذا السبيل؛ بالاستعانة بالموثوقين من أقربائك، وصديقاتك؛ فالمرأة يجوز لها شرعا البحث عن الزوج الصالح.
والله أعلم.