السؤال
زميلتي في الجامعة على علاقة بزميل لنا نصراني، وظاهر على زميلتي تلك الالتزام إلى حد ما، فهي مختمرة، أي: متدينة، وكنا نحسبها كذلك، ولكني رأيتها وبعض صديقاتي مع ذلك الشاب، وكانت تتحدث إليه، وتتصرف بعض التصرفات التي لا تليق بفتاة مسلمة أن تفعلها أمام العامة، وهذا -للأسف- دفعنا أنا وصديقاتي إلى الحديث عن تلك التصرفات، واستنكارها، ولم نقصد أن نشمت فيها، أو أي شيء من هذا، وإنما مجرد التعجب منها، ومن تصرفاتها التي لا تخرج سوى من مراهقة صغيرة، لا من فتاة جامعية، وهذا يعد غيبة، وأعلم أن لا أحد فينا كبير على الخطأ، فأيا كان ما فعلته، فلا ينبغي لنا الحديث عنها.
أصبحت أستغفر الله كثيرا بعد فعلتي، ولكني أخشى أن يبتليني الله مثلها عقابا لي، فماذا أفعل كيلا يعاقبني الله بابتلائي؟ وهل هناك كفارة لهذا؟ وما واجبي نحو زميلتي؟ هل أنصحها بالابتعاد عنه؟ مع العلم أننا لسنا صديقتين، كما أنها قامت بهجر صديقاتها عندما نصحنها بالابتعاد عنه. وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن ذكر المسلم في غيبته بما يكره من الغيبة المحرمة، ومجرد وقوع زميلتك فيما ذكرت، لا يبيح غيبتها وعيبها به، إلا إن كان ذلك لمسوغ؛ كالاستعانة على نصيحتها، وردها إلى الصواب، وانظري الفتاوى: 6710، 150463، 407311.
والتوبة من الغيبة، وتكفير إثمها: يحصل بالندم على ما فات، والإقلاع عن الغيبة، والعزم على عدم العودة إليها، مع الدعاء، والاستغفار لمن وقعت في عرضها، ولا يشترط إعلامها بذلك؛ لما يفضي إليه ذلك من مفسدة إيغار صدرها، واستجلاب عداوتها، وإدخال الغم عليها، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للرحيباني: تجب التوبة فورا من القذف، والغيبة، وغيرهما، ولا يشترط لصحتها من ذلك إعلام مقذوف، أو مغتاب، ونحوهما. نقل مهنا: لا ينبغي أن يعلمه؛ لأن في إعلامه دخول غم عليه، وزيادة إيذاء.
وقال القاضي، والشيخ عبد القادر: يحرم على القاذف، ونحوه إعلام مقذوف، ومغتاب، ونحوه... وقال الشيخ تقي الدين: واختار أصحابنا لا يعلمه، بل يدعو له في مقابلة مظلمته.
وقال: ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما مسلم شتمته، أو سببته؛ فاجعل ذلك له صلاة، وزكاة، وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة. رواه الشيخان من حديث أبي هريرة بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه إنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته، أو شتمته، أو جلدته، أو لعنته؛ فاجعلها له صلاة. الحديث. اهـ. وانظري الفتوى: 171183.
والتائب من الذنب لا يعاقب عليه في الدنيا، ولا في الآخرة؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ونحن حقيقة قولنا: إن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعا، ولا قدرا .اهـ. وانظري للفائدة الفتوى: 399643.
وينبغي لك نصح زميلتك، ووعظها، وتذكيرها بالله، وتحذيرها من مغبة العلاقات غير المشروعة بالرجال الأجانب عنها.
والله أعلم.