لا ترفع يديها إلى السماء للدعاء حياء من الله

0 344

السؤال

فسؤالي هو أنني أشعر بالخجل الشديد في أن أطلب من ربي في أن أدعوه وأحيانا عندما أصلي، فإنني لا أرفع يدي إلى السماء بل أنزل رأسي خجلا من جلاله وعزته، وأطلب منه وأنا خجلة، إن كان هذا العمل جيدا، وإن لم يكن كذلك فأفيدوني؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فدعاء الله تعالى واللجوء إليه من أعظم العبادات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة، قال ربكم ادعوني أستجب لكم [غافر: 60]. رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني.

كما قال صلى الله عليه وسلم: من لم يسأل الله يغضب عليه. رواه الترمذي وحسنه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نكثر فقال: الله أكثر. رواه الترمذي، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.

ومن أسباب استجابة الدعاء رفع اليدين فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا. رواه أبو داوود والترمذي، وصححه الشيخ الألباني.

قال المناوي في فيض القدير: أن يردهما صفرا أي خاليتين خائبتين من عطائه لكرمه والكريم يدع ما يدعه تكرما، ويفعل ما يفعله تفضلا فيعطي من لا يستحق ويدع عقوبة المستوجب والكريم المطلق هو الله، فإذا رفع عبده يديه متذللا مفتقرا حاضر القلب موقنا بالإجابة حلال المطعم والمشرب كما يفيده قوله في خبر مسلم: فأنى يستجاب له ومطعمه حرام ومشربه حرام، يكره حرمانه وإن لم يستوجب المسؤول.

إلى أن قال: وفيه ندب رفع اليدين في الدعاء ورد على مالك حيث كره ذلك، قال ابن حجر: وقد ورد في رفع اليدين أخبار صحيحة صريحة لا تقبل تأويلا لكن عدم الرد لا يتوقف على الرفع إذا توفرت الشروط، وإنما قيد به لأنه حال السائل المتذلل المضطر عادة. انتهى

وعليه، فينبغي لك الإكثار من دعاء الله تعالى مع اليقين بالإجابة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني.

مع التنبيه إلى أن رفع اليدين أثناء الدعاء من آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة وراجعي الفتوى رقم: 23599.

وإذا كان ذلك الخجل والحياء سببه الذل والانكسار والخضوع لله تعالى وامتلاء القلب هيبة وتعظيما له جل وعلا، فهذا مقام رفيع ومشهد كريم وقد سماه الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين: مشهد الذل والإنكسار حيث قال: المشهد الثاني عشر وهو مشهد الذل والإنكسار والخضوع والافتقار للرب جل جلاله فيشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة تامة وافتقارا تاما إلى ربه ووليه ومن بيده صلاحه وفلاحه وهداه وسعادته، وهذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها، وإنما تدرك بالحصول فيحصل لقلبه كسرة خاصة لا يشبهها شيء.

إلى أن قال: فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور وما أدنى النصر والرحمة والرزق منه وما أنفع هذا المشهد وأجداه وذرة من هذا ونفس منه أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم وأحب القلوب إلى الله سبحانه قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة وملكته هذه الذلة فهو ناكس الرأس بين يدي ربه لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا من الله، قيل لبعض العارفين: أيسجد القلب؟ قال: نعم يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات