السؤال
لدي عدة أسئلة فأرجو الصبر معي جزاكم الله خيرا، أنا طالب في أحد البلدان الأجنبية وقد من الله علي بأن أدعو فتاة مسيحية للإسلام، وقد أسلمت والحمد لله، وإني لأرى أن إسلامها قد حسن، من خوفي الشديد على هذه الفتاة من ضياع دينها لعدم توفر مجتمع مسلم في المنطقة القاطنة فيها، كما أن بلادها تنشد بالعلمانية فقد أردت الزواج منها لوجه الله تعالى، ولكن قوبلت بغيتي هذه بالرفض الشديد من قبل الأهل للأسباب التالية: الأولاد، العادات والتقاليد، كلام الناس وغيرها، ومن المعارضين لهذا الأمر هي الوالدة (الوالد متوفى رحمه الله)، وقد أعلمت أن الوالدة قد توفيت أيضا منذ أشهر وأنها مازالت غير راضية عن الموضوع، علما بأني قد تزوجت من الفتاة (قبل وفاة الوالدة) من دون علم الأهل، وكان من شروط الزواج أن الطلاق إذا ما لم يوافق أهلي، علما بأني لا أريد الطلاق، وبعد علمي بوفاة الوالدة ووصيتها لي أردت تطليق الفتاة، فسؤالي الأول: هل أعتبر عاقا لأمي إذا ما لم أطلق الفتاة، إذا ما كان زواجي سيجلب الضرر لأهلي مثل (الفضيحة، عزوف الأسر الأخرى من التقدم لخطبة أفراد أسرتي)، فهل أعتبر ظالما لهم بزواجي، السؤال الثاني: لو فرضنا إني لم أتزوج الفتاة بعد، وعلمت بالوصية فهل أعتبر عاقا إذا تزوجت دون رضا الأم؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الولد أن يبر والديه وأن يطيعهما فيما يأمران به مما ليس معصية لله تعالى، وفيما ليس فيه عليه ضرر كبير ومشقة يصعب تحملها كما يحرم عليه عقوقهما، وقد عرف الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم العقوق المحرم فقال: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا فقل من ضبطه... قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. والله أعلم.
وهل يلزم طاعتهما في ترك الزواج من امرأة معينة أم لا، سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19465، والفتوى رقم: 6563.
ولكنه لا يلزم في المقابل بالزواج من امرأة لا يريدها وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35285.
وأما الوصية بعدم الزواج من فلانة فهي وصية غير لازمة التنفيذ ولست عاقا بمخالفتها، ولست ظالما لأسرتك بهذا الزواج فأنت إنما فعلت ما أباح الله لك، وبقي لنا وقفة مع قولك في السؤال (وكان من شروط الزواج أن الطلاق إذا ما لم يوافق أهلي)، فإن قصدت تعليق النكاح على موافقة أهلك، أي إن وافقوا فالنكاح ماض وإن لم يوافقوا فالنكاح لاغ، فهذا النكاح باطل، لأن عقد النكاح لا يصح فيه التعليق.
وإن قصدت بهذه العبارة تعليق الطلاق على عدم موافقة أهلك لا تعليق النكاح فقد طلقت المرأة فور العلم بعدم رضاهم، ولك أن تراجعها -إن شئت البقاء معها-، وكيفية المراجعة مبينة في الفتوى رقم: 30719، والفتوى رقم: 30067.
وإن قصدت بهذه العبارة أن لك أن تطلق إذا تبين لك عدم موافقة أهلك فهذا النكاح صحيح وهذا الشرط لا يضر لأن النكاح بيدك ولك أن تطلق متى شئت اشترطت ذلك أم لم تشترط، فهو شرط لا يخل بعقد النكاح.
والله أعلم.