السؤال
هل يعاقب الأب في أولاده -مثل عقوقهم أو غيره- بسبب ارتكابه معاصي وذنوبا، كارتكاب الزنا في الماضي، ثم التوبة منه؟ علما بأنه الآن يعمل بجد على فعل الخيرات، وترك الذنوب قدر الإمكان. وما العمل حتى لا يبتلى الأب في أولاده بأي شكل من الأشكال؟
هل يعاقب الأب في أولاده -مثل عقوقهم أو غيره- بسبب ارتكابه معاصي وذنوبا، كارتكاب الزنا في الماضي، ثم التوبة منه؟ علما بأنه الآن يعمل بجد على فعل الخيرات، وترك الذنوب قدر الإمكان. وما العمل حتى لا يبتلى الأب في أولاده بأي شكل من الأشكال؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة الشرعية الكلية: أن الإنسان لا يؤاخذ بجريرة غيره. قال تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى [الأنعام - 164]. وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه أحمد والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وسؤالك: هل يعاقب الأب في أولاده؛ لارتكابه الذنوب والمعاصي في السابق؟ جوابه: أن الوالد قد يرى شؤم ذنبه، بما يقدره الله على أولاده من الأقدار التي يجريها على سائر عباده، سواء كان ذلك من جنس ما اقترفه من الذنوب والمظالم، أو من غير جنسه، كأن يبتليه الله بولد يعاني من إعاقة -هي من جنس إعاقة- كان ذاك الأب يسخر من شخص آخر مصاب بها؛ ووجه معاقبته بذلك أن الأب هو أعظم من يتحمل عبء ذلك الولد المعاق، فما يصيب الولد يؤثر في الوالد، فيحزن لحزنه، ويغتم لمصابه.
وصلاح الآباء، وعبادتهم، واستقامتهم على الشرع، من أسباب صلاح أحوال الأبناء الدينية والدنيوية. كما حصل للغلامين اللذين هيأ الله لهما من يقيم جدارهما، بسبب صلاح أبيهما، قال سبحانه: وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا [الكهف: 82]، وقال تعالى: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا [النساء: 9].
ويؤثر عن جماعة من السلف أنهم كانوا يلحظون هذا المعنى، ويتحرونه في عباداتهم. فقد أخرج أبو نعيم في الحلية: عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان. قال، قال سعيد بن جبير: إني لأزيد في صلاتي من أجل ابني هذا. قال مخلد: قال هشام: رجاء أن يحفظ فيه. انتهى. وللمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى: 169955.
وننبه إلى أمرين مهمين:
الأول أن العبد إذا تاب توبة نصوحا، فإن الله تعالى يتوب عليه، ودلالات النصوص الشرعية ناطقة بأنه لن تلحقه تبع من ذلك الذنب الذي تاب منه.
الثاني: أن الإنسان معرض في هذه الحياة الدنيا للمصائب والابتلاءات، ولا يلزم أن يكون كل ما يناله من ذلك بسبب ذنوب اراتكبها، بل قد يصاب ويبتلى لأسباب أخرى، بيناها في فتاوى سابقة، منها: في الفتويان: 27048، 44779.
والله أعلم.