السؤال
أنا فتاة، عمري 23 سنة، منذ صغري كنت أصلي، وأصوم، وأحفظ القرآن، كما أن الناس كانت تضرب بي المثل، وأظنني أصبت بعين. ومع مرور الوقت كبرت، وارتكبت العديد من الذنوب التي لا أستطيع ذكرها، كما ابتعدت عن العبادات، وأحيانا كنت أقصر فيها. صمت رمضان دون أن أصلي، وحتى القرآن نسيته. كنت أعود إلى التوبة وأجتهد، ثم أعود للتقصير وأتوب مجددا. لا أذكر منذ متى وأنا على هذه الحال، لكنني بلغت في سن العاشرة، وأرغب في مسح ذنوب السنوات الماضية، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. ماذا يجب علي فعله؟
أتمنى من كل قلبي أن يرزقني الله زيارة بيته الحرام.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية: نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانينه، إنه سميع مجيب، وسيكون تفصيل الجواب في النقاط التالية:
1ـ ما دمت تشعرين بإصابتك بالعين، فبادري بالرقية منها، والتحصن بالأذكار الشرعية المأثورة، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من الاستغفار، والدعاء، وقراءة القرآن، ونحو ذلك، ولا بأس بالحضور إلى بعض الثقات الذين يمارسون الرقية الشرعية، وراجعي الفتويين: 288337، 367042.
2ـ جاهدي نفسك على المحافظة على الصلاة؛ فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها، فاز، وربح، ومن ضيعها، خاب، وخسر. وقد ثبت الوعيد الشديد في شأن من يتهاون بها أو يضيعها، قال تعالى: فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون {الماعون: 4 ـ 5}، وقال تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا {مريم: 59}.
فإذا كنت ضابطة لعدد الصلوات المتروكة، فعليك قضاؤها، وإن جهلت عددها، فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، وكيفية قضاء الفوائت الكثيرة سبق بيانها في الفتوى: 61320.
3ـ لا شك أن للمعاصي آثارا سيئة على صاحبها، وعقوبات آجلة أو عاجلة. فهي من أسباب زوال النعم، وحلول النقم، كما سبق في الفتوى: 206275.
وبالرغم مما وقعت فيه، فأبشري، ولا تقنطي من رحمة الله تعالى؛ فإن الله تعالى يقبل توبة التائبين، بل ويفرح بها، وقد يبدل سيئاتهم حسنات، فقد قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.
فكفارة كل ما ارتكبت من كبائر الذنوب، وصغائرها، هي التوبة النصوح فيما بينك وبين الله تعالى، والإكثار من الأعمال الصالحات، فإن التوبة تهدم ما قبلها، والحسنات تمحو السيئات، كما أن الإسلام يهدم ما قبله.
وقد وعد الله تعالى من اقترفوا أكبر الكبائر؛ -كالشرك، والقتل، والزنا-، بأن يبدل سيئاتهم حسنات، إن هم تابوا، وآمنوا، وعملوا الصالحات. قال الله تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما * ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان: 68 - 71}.
والله أعلم.