السؤال
هناك من يقول بوجود قاعدة في الفقه تنص على ( أن للأب الطاعة وللأم الرضى ) ويقصد بالرضى معاملتها بالطيب والكلام اللين ولكن ليس هناك إلزام بطاعتها كالأب لأنها عاطفية وما إلى ذلك، سيدي هل هذه القاعدة موجودة فعلا في الإسلام إن كانت موجودة يرجى شرحها وإن لم تكن موجودة بماذا نرد على قائلها وماهي حدود طاعة الأم في الإسلام؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل الكريم يقصد قولة الإمام مالك لمن سأله قائلا: إن أبي في بلد السودان وقد كتب إلي أن أقدم عليه وأمي تمنعني من ذلك. فقال الإمام مالك: أطع أباك ولا تعص أمك، وقد ذكر القرافي في الفروق: أن مالكا أراد منع الابن من الخروج إلى السودان، بغير إذن الأم.
ولم نقف في الفقه على قاعدة تنص على أن للأب الطاعة وللأم الرضى.
والمعروف شرعا أن بر الوالدين والإحسان إليهما معا واجب، قال الله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} (الاسراء: 23)
ومن الإحسان والبر بهما طاعتهما معا بالمعروف وإرضاؤهما حسب الإمكان.
فإذا لم يمكن الجمع بين طاعتهما معا، فجمهور أهل العلم على أن حق الأم في الطاعة آكد من حق الأب.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟، قال: ثم أمك، قال: ثم من؟
قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
والذي يرد به على ما فسرت به هذه القاعدة في السؤال هو أن هذه النصوص الصحيحة الصريحة بينت زيادة أحقية الأم عل الأب في الصحبة ومن يدعي غير ذلك هو المطالب بالدليل.
وأما حدود طاعة الأم فهي في المعروف وما لا إثم فيه. روى الشيخان من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف".
والله أعلم.