السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أختي تتحدث في الهاتف مع شاب من بلد آخر، ويمارسان الزنا على الهاتف، لا أعرف كيف!؟ لكنني قرأت في رسائلها ما يدل على ذلك: من كلمات فيها وصف لحركات، وممارسات يفعلها الأزواج، وقد أخبرت والدتي، لكنها لم تفعل شيئا حيال ذلك، ومن الإنصاف أن أذكر أنه جعل أخته تتصل بوالدتي لخطبة أختي، لكن أمي رفضت؛ لاختلاف العادات، وبعد المسافة، فاستمرت العلاقة، مع أن العلاقة كانت موجودة قبل الخطبة! ما حكم ماتفعله؟ وهل تعتبر زانية، وعليها كفارتها؟ ماذا علي أن أفعل حيال ذلك بعد إخبار أمي عدة مرات، ودون فائدة، أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن؛ فقد بدأت أكرهها، ولا أطيق الجلوس معها، مع أنها أختي الكبرى!؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في حرمة ما تفعله أختك من الكلام مع أجنبي عنها في موضوعات إباحية عبر الهاتف، وكذلك حرمة تبادلها لرسائل معه تحتوي على موضوعات لا تكون إلا بين الزوج وزوجه، وأن الذي تفعله من زنا الأذن وزنا اللسان، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حذرنا من ذلك فقال: كتب على بن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله عندما حرم الزنا الحقيقي حرم كذلك أسبابه ومقدماته، ومنها الخضوع بالقول، قال تعالى: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض {الأحزاب:32}، وراجعي الفتاوى: 28288، 30046، 10570، 1932، 3617، 1847.
وكان الواجب على أمك إذ أخبرتها أن تكف أختك عن غيها، فذلك مما يجب على أمك اتجاهها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها... متفق عليه.
ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تضييع الأمانة التي أعطاها الله للآباء والأمهات، فقال: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
وإن المسؤولية على والد الفتاة أشد، للأدلة السابقة، ولقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون {التحريم:6}، هذا وإن الواجب عليك أن تكثري من نصح أختك، وأن تخوفيها بالله، وأنه يراها، وأن عذابه أليم شديد، وأن لذة الدنيا في الحرام تنقلب حسرة وندامة في القبر ويوم القيامة، فإن لم تستجب لنصحك، فارفعي الأمر لأبيك إن كان موجودا، وإلا فأخبري من ترتدع منه كجدها أو خالها أو عمها.
فإن أصرت على الاستمرار في هذه العلاقة المشينة مع ذلك الشاب، فلك أن تهجريها إن كان هجرك لها يؤلمها ويؤثر فيها، فإن الزجر يكون بالهجر وغيره، كما يجب عليك أن تنكري عليها بقلبك بأن يتمعر وجهك وتستشيطي غضبا لله عندما تجدينها على تلك الحال، ولا تجلسي في مجلس يعصى الله تعالى فيه، فقد قال سبحانه: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم {النساء:140}.
ولاشك أن كرهك لها مشروع، فإن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تتركي الدعاء لها أبدا، وتحيني أوقات الإجابة كجوف الليل وأثناء السجود ونحو ذلك، وألحي على الله أن يهدي أختك وأن يشرح صدرها ويريها الحق حقا ويرزقها اتباعه والباطل باطلا ويرزقها اجتنابه.
والله أعلم.