الإقدام على الانتحار من كبائر الذنوب، ويتوب الله على من تاب

0 426

السؤال

ما حكم من يقدم على الانتحار ويتم إنقاذه في آخر لحظة وذلك بسبب اضطرابات نفسية حادة ووساوس وهواجس، حيث إن الفاعل فتاة تبلغ من العمر حوالي 19 سنة ومرت بظروف عائلية قاسية جدا انتهت بطلاق الوالدين وهي صغيرة السن، وعاشت مع والدها الذي تزوج بامرأة آخرى وكان لوفاة والدها الأثر الأكبر على نفسها لاسيما وأنه أحسن معاملتها والعناية بها جدا محاولة منه لسد فراغ والدتها، ما حكم ما قامت به، وهل من وصفة دينية قرآنية لطرد الهواجس التي تحل بها كل ليلة حيث تتصور شبح والدها يدعوها بإلحاح للخروج من البيت واللحاق به أي الموت.أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الانتحار وقتل النفس من كبائر الذنوب، ولقد توعد الله قاتل نفسه بالمكث الطويل في النار، ففي المسند والصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ولتحمد الله هذه الفتاة على نجاتها من الانتحار، وعليها أن تبادر بالتوبة إلى الله من هذا الذنب الكبير، وتندم ندما شديدا على ما فرطت في جنب الله، وتعزم عزما أكيدا على عدم العودة لهذا الذنب مرة أخرى، فإذا فعلت ذلك فلتستبشر بمغفرة الله تعالى لذنبها، قال سبحانه: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}. وعليها أن تكثر من فعل الصالحات وقراءة القرآن، فإن الحسنات يذهبن السيئات. وعليها أن تصبر على فقدها لوالدها، فكل الناس يصاب، ولكن الصابرين فقط هم الذي يفوزون بالأجر العظيم، قال تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {الزمر:10}. إن أي مصيبة في الدنيا تهون إذا قورنت بمصيبة موت النبي صلى الله عليه وسلم، وفوات رؤيتنا له وصحبتنا إياه، ولله در القائل:

اصبر لكل مصيبة وتجلد     * واعلم بأن المرء غير مخلد

وإذا ذكرت مصيبة تسلو بها   * فاذكر مصابك بالنبي محمد

وننصحها بأن تقول ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ـ إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها. رواه مسلم.

وأما شبح والدها الذي يتصور لها ويأمرها بالخروج من البيت أي اللحاق به والموت، فالظاهر أنه من وساوس الشيطان، فالموت ليس إلينا، فما تدري نفس متى تموت ولا أين تموت. فلتحذر من تلبيس الشيطان، حتى لا تقع في كبيرة قتل النفس، فتعذب في النار، وعندئذ يتبرأ منها الشيطان، قال الله حاكيا عن الشيطان: وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم {ابراهيم: 22}. فعليها أن تستعيذ بالله من وساوس الشيطان، وأن تكثر من ذكر الله، وأن تصحب الأخوات الصالحات الفاضلات ليذكرنها بالخير، ويعنها على فعله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات