السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أبلغ من العمر 25 عاما , أجد صعوبة في بلدي أن أنضم للإخوة الصالحين والذين يلتزمون المساجد ويتبعون السنن , وأخشى على نفسي وأهلي أن أضر بهم أن حدث ذلك , فماذا أفعل .. هل هذا هاجس شيطاني ؟ , علما أن هذا الأمر حقيقي و الإخوة محل نظر دائم لدينا وشك وهل تنصحونا للانضمام بإخوة عن طريق الإنترنت ؟ علما بأن هذا ليس كالجليس الصالح الحقيقي . أفيدونا فأني أخشى أن ليس لي أصدقاء خير وإنما أصدقاء يعصون الله وأدفعهم إليهم وأخشى أن تزل قدمي , بارك الله تعالى فينا وفيكم .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الهداية وكفى بها نعمة، والذي نوصيك به هو الانخراط في الشباب المؤمن المتوضئ المتمسك بالدين، فتعبد الله معهم وتطلب معهم العلم النافع، فلا تستسلم لهواجس الشيطان وحيله، فهو يريد أن يصرفك عن الصحبة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه، والتي هي من أعظم أسباب الثبات على دين الله، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على أن يجتمع إخوانه وهو معهم حتى في أشد مراحل الدعوة ضيقا وهي المرحلة المكية، فكانوا يجتمعون على الخير في دار الأرقم، وكانو يصلون جماعة في الشعب، كل ذلك في الوقت الذي كانت قريش تحصي سكناتهم وحركاتهم، وترقب من آمن مع محمد صلى الله عليه وسلم.
وكذلك الرجل الذي قتل مائة نفس عندما تاب من ذنوبه قال له العالم: انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء. رواه مسلم. فكان من فقه العالم الذي أفتاه أن أرشده إلى أن يعبد الله مع الصالحين، وأن لا يبقى وحده بعد توبته فيصيده الشيطان.
واحرص على بر والديك واحذر من عقوقهما، فإنهما باباك إلى الجنة، ولا تجعل ارتباطك بإخوانك على حساب قربك من والديك وخدمتك لهما، ولك أن لا تطلعهما على علاقاتك الجديدة التي أنشأتها حتى تضمن عدم وقوفهما في طريقها. هذا، ونفيدك أن الأمر ليس كما تظن، فإن كثيرا من الشباب قد تمسك بالدين واعتصم بالسنة ولم يصبه إلا ما جرت به سنة الله تعالى الكونية، واعلم أن ما وقع ببعض الشباب من الابتلاء قد يكون سببه هو خطأهم واستعجالهم في بعض الأحيان، مما أدى إلى استعداء الجهات التي ضيقت عليهم، وقد يكون ابتلاء من الله تعالى ليميز الصادق من المنافق المرائي. فإذا تمسكت بالدين والتحمت بإخوانك وتجنبت هذه الأخطاء فلن يصيبك مكروه بإذن الله، وإن أصابك شيء من البلاء فاعلم أن الابتلاء هو الذي يصهر النفوس ليميز معادنها النفيسة من الأخرى الرخيصة، قال تعالى:
ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب {آل عمران: 179}. وقال أيضا: وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم {آل عمران: 154}. وقال سبحانه: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين {محمد: 31} وقال: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون {العنكبوت: 2}. وقال: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا {البقرة: 214} إلى غير ذلك من الآيات. وقال صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابه ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له. رواه مسلم.
واعلم أنك إن حافظت على الأذكار حفظك الله من شرهم ومن كل سوء، فداوم على أذكار الصباح والمساء، وكذلك باقي الأذكار الموظفة واتلها بقلب حاضر، ومن أجمع ما كتب في الأذكار الصحيحة كتاب مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة للشيخ محمد إسماعيل، و حصن المسلم للقحطاني.
وادع الله دائما أن يرزقك الثبات، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر هو آخذ بناصيته والله يحفظك ويرعاك.
والله أعلم.