الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الكبائر هي عظائم الذنوب،ومنها الموبقات التي توبق صاحبها في نار جهنم، ولا يقدم عليها إلا من قسا قلبه وضعف إيمانه، ولم يستح من ربه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم. أي لا يقدم على فعل هذه الكبائر وهو مؤمن كامل الإيمان، وإنما يفعلها وهو ضعيف الإيمان قد خفت في قلبه الوازع الديني.
ومع ذلك، فإن من سعة رحمة رب العالمين أن فتح باب التوبة للعصاة فلا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فإذا أتى العبد ربه مقرا بذنبه منكس الرأس ذليلا نادما عازما على عدم العودة أبدا إلى ما يغضبه سبحانه، فإن الله يفرح بتوبته ويقبلها منه، ويغفر له ذنبه ويمحه من صحيفته، بل ويبدل سيئاته حسنات. قال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء {النساء: 48} وقال سبحانه: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم {التوبة: 104}. وقال سبحانه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.
وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني. وقال أيضا: والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة.. رواه البخاري ومسلم.
وانظري لزاما شروط التوبة النصوح في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9694، 5450، 29785.
وتجنبي الوقوع فيما قارفته من الذنوب والزمي الالتجاء إلى الله وسؤاله بإلحاح أن يصرف عنك ما يغضبه وأن يحفظك من شر الشيطان وشر نفسك وأن يعينك على الاستقامة ولزوم طريق الهداية وأن يغفر لك ذنبك السالف.
وكذلك يجب عليك أن تبتعدي عن أساب المعصية فتفارقي رفقة السوء التي تزين للعبد المصائب وتجلب له ما يرديه في الآخرة، فاقطعي علاقتك بهم نهائيا وغيري أرقام هواتفك حتى لا يحاولوا وصل ما انقطع ولا يذكروك بالمعصية.
وفي المقابل اتخذي رفقة مؤمنة من الأخوات الصالحات الفضليات، وهم بحمد الله كثير، ففتتشي عنهن واعبدي الله معهن، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
واعلمي أن ما افترضه الله على العباد أعم من مجرد الصلاة والصيام، بل افترض عليهم أن يسلموا لشرعه سبحانه ويصدقوا خبره وينقادوا لأمره وينتهوا عما نهاهم عنه، وعلى ذلك فيجب عليك فعل ما افترضه الله عليك، ومن ذلك الحجاب الشرعي السابغ الذي يستر جميع البدن وعدم التهاون في هذا الأمر أبدا.
وكذلك يجب عليك الانتهاء عن المعاصي التي يكتسبها العبد بعينه أو أذنه، فغضي بصرك عن الحرام. قال تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن {النور 31}. ولا تسمعي بأذنك ما يغضب الله من الأغاني والمعازف المحرمة.
واجعلي القرآن أنيسك واقرئيه بتدبر، واجعلي لك منه وردا منتظما تقرئيه كل ليلة، واكثري من ذكره على كل حال وخاصة الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء وبعد الصلوات وعند النوم ونحو ذلك، وتجدينها في كتاب "حصن المسلم" للقحطاني.؟
واحضري دروس العلم واشهدي مجالس الخير، فإن الله يحبها ويغفر لأصحابها وأكثري من استماع الأشرطة الإسلامية، وخصوصا المحاضرات التالية: "توبة صادقة" للشيخ سعد البريك، "جلسة على الرصيف" للشيخ سلمان العودة، "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي "على الطريق" للشيخ علي القرني.
ولمزيد من الفائدة طالعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18654، 9394.
والله أعلم.