يجب بر الوالدين بكل ما هو ممكن

0 368

السؤال

أنا أعيش بعيدا عن منزل والدي. أبي كان ظالما لي عندما كنت صغيرا وكان يسب الدين ثم يتوب شهر ثم يعود يسب الدين وهكذا. أحيانا كان ينطق بالطلاق ثلاث مرات لأمي ولكنهما لم يفترقا أبدا. كان يكرهني بسبب التزامي بالشرع وعانيت كثيرا من معاملة أبي ولا أزور منذ عشر سنوات بيت أبي ولا أريد نصيحة في ذلك. أيضا أنا أعاتب أمي لأني كنت أشعر أنها كانت تشجعه في ذلك أوعلى الأقل لم تحتج على ذلك. أختي تفعل نفس الشيء لكنها تتصل بوالدتنا ، أنا الآن أعيش بعيدا عنهم ولا أتصل بهم. طبيعتي جيدة أحب العدل والحقيقة و أكره الشر لكني لا أشعر بالود لأمي. عندما التقي بأمي بالصدفة أستحي حتى من إلقاء التحية.أنا انسان ملتزم ولا أريد أن أقع في كبيرة عقوق الوالدين ولكني أكره أن أكون مكافئا لمن عذبني من قبل في المرحلة الأخيرة بدأت أرسل مالا لأمي ( رغم أنه يتوفر عندها دخل) لأني لا أستطيع أن أقول كلاما طيبا وحتى لا أكون عاقا لها إن كان علي لها حق لأن أمي تعيش مع أبي وأشعر بوضوح ليس علي بر أبي ما هي حقوق أمي علي ؟ وهل يكون إرسال المال برا مني حسب استطاعتي أرجو منكم أن تفيدوني بالإجابة ؟
وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية نذكر الأخ بقوله تعالى :  ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون *  إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون {النور: 47 ـ 51} دفعنا إلى تذكيرك بهذه الآيات قولك (لا أريد نصيحة في ذلك) مع ادعائك الالتزام والتدين ، وكأنك تقول: أنا هكذا فأريد الشرع أن يكون كما أريد ، ولا أريدكم أن تقولوا لي الشرع يريد منك كذا ، وهذا غير صحيح بل مناف للإيمان، فقول المؤمن لحكم الله كما قال سبحانه ( سمعنا وأطعنا ) وموقفه منه كما قال تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب: 36}

ثم نقول للسائل: إن للوالدين حقا عظيما ونحيلك لمعرفته على الفتوى رقم : 4296 .

ثم اعلم  أن حق الوالدين لا يسقطه عصيانهما ولا حتى كفرهما بالله -والعياذ بالله- بل يصاحبان في الدنيا معروفا كما أمر الله تعالى بقوله : ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان: 14 ـ 15}

ولعل صلتهما ودعوتهما إلى الله تعالى يؤثران فيهما فيؤوبان إلى رشدهما ، فينصح الوالد ويبين له أن سب الدين كفر أكبر مخرج من الملة ، وينصح الوالدان ويبين لهما عدم مشروعية العلاقة بينهما إذا كان قد وقع الطلاق ثلاثا ، ولا يبرر ما هم فيه من المعصية عقوقهما وهجرهما ، بل يجب برهما وصلتهما ، ليس بالمال فحسب بل بكل ما هو ممكن من الزيارة ونحو ذلك .

فعلى الأخ أن يحذر من هجر والديه وقطعهما ، فإن هذا من العقوق ، وعقوق الوالدين كبيرة من الكبائر ، وتراجع الفتوى المحال عليها .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة