الزوجة إذا كانت عقبة في طريق الإحسان إلى الأم

0 319

السؤال

نرجو من سيادتكم إعانتنا بما فيه رضا للجميع، أما بعد فقد تم على زواجي 3 سنوات حيث أنجبت طفلة عمرها حاليا 7 أشهر، ومنذ زواجي مررت بصعوبات جدية تتمثل في عدم قبول زوجتي لأهلي حيث وقعت في اختلاف كبير لما تقوله زوجتي وما يقوله أهلي (أمي، أختي...) بمرور الزمن تيقنت من أن زوجتي تغير الكلام بما تفهمه بحيث تقول أشياء لم أقلها أنا أو إذا اشتكت لأبيها تقول أشياء لم أتفوه بها قط بقيت في حيرة وحاولت مرارا إقناعها بما تفعله لدرجة تهديدها أحيانا بتسجيلات صوتية حيث إن كانت خاطئة فمآلها الطلاق فتتراجع، ولكن ما بالطبع لا يتغير، في المدة الأخيرة تم طرد -بصفة غير مباشرة- أمي وإبنة أختي من منزلي حيث لم أحرك ساكنا للصدمة، مع العلم بأن أمي تزورني مرة أو مرتين في السنة لبعد المسافة (270كم) وللحقيقة لا أنكر أن أمي تتدخل في شؤوني الخاصة أو العامة ولكن أعطيت زوجتي الحرية التامة لكي تفعل ما تريد بالرغم مما تقوله أمي من انتقادات أو نصائح، في هذا المجال طلبت مني أمي أن أتخلص منها إن لم أستطع السيطرة عليها، مع العلم بأنه بعد يوم من طردها من منزلي اتصلت زوجتي بأمي وطلبت السماح، ولكن أمي رفضت وبشدة، هذه الطريقة المعتمدة من زوجتي أعاني منها منذ زواجي حيث عندما أغضب منها بالهجر أو بأي وسيلة أخرى (عدا الضرب) تتراجع وتتوسل لدرجة الإذلال لحد لا أحتمل أن أراها بهذا الوضع فأصفح عنها، صدقني لم أعد أحتمل دخول المنزل، هذا مع الإشارة أن زوجتي كانت تعمل قبل أن أتزوجها حيث استقالت من وظيفتها على أساس أن نجد لها وظيفة جديدة بالعاصمة تونس، ولكن بدون جدوى وفي الآن نفسه تحسنت حالتي المادية وطلبت منها مرارا أن تهتم بالمنزل وأوفر لها كل شيء بما في ذلك السيارة لقضاء حاجياتها ولو أنها غير ضرورية، ولكن بما أنها صيدلانية مرسمة بجدول الصيادلة بمدينة صفاقس مقر إقامة أهلها وأهلي (270كم) عن العاصمة أين نقطن نحن تم إعلامها بحلول دورها للإقامة صيدلية بمدينة صفاقس، مع العلم بأننا اتفقنا على أن نحيل ترسيمها من صفاقس إلى تونس العاصمة حيث لم أقم بذلك أولا لعدم إصرارها، ثانيا كل يوم من زواجنا أتوقع أن يتم الفراق بيننا بحيث لا أريدها أن تخسر الأقدمية (مدة الانتظار تقريبا لكي تفتح صيدلية 10 سنوات بصفاقس و 20 سنة بتونس)، سيدي عارضت قي البداية كثيرا ولكن إصرارها وإصرار أبيها وافقت ولكن أشعر أن حياتي تنهار، مع العلم بأنها هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن فتح الصيدلية وحضورها إجباري قانونيا، سؤالي هو: هل شرعا لي الحق أن أطلقها بطلب من أمي حيث أعلنت هي وأختي عدم قبولها نهائيا في جميع المناسبات، هل لي الحق شرعا من أن أمنعها من فتح الصيدلية لما فيه ضرر لي حيث إن أرادت فتحها يوما ما فيجب عليها الانتظار من جديد، في صورة ما إذا منعتها من فتح الصيدلية هناك احتمال أن تطلب الطلاق وهو في الوقت نفسه مطلبي، حيث لا أسامح نفسي لأنه يمكن أن أعتقد أنني استعملت طريقة ملتوية لكي أصل إلى مرادي(هي التي تطلب الطلاق)، في صورة ما إذا منعتها من فتح الصيدلية يمكن أن أطلب أنا الطلاق يوما وفي هذه الحالة لن أسامح نفسي لأني أضعت عليها الفرصة وبذلك أكون قد حطمتها، هل يمكن لي شرعا بأن أطلقها لاعتقادي ولو أنها حقيقة من وجهتي وأتحمل مسوؤليتي أمام الله مع أنها مريضة نفسانيا مما يؤدي بها بالكذب دوما؟ وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن ما ذكرته من عدم قبول زوجتك لأهلك، ومن الكذب وسوء الخلق بحيث جعلتك لم تعد تحتمل دخول المنزل... وقولك إنها في المدة الأخيرة طردت أمك وابنة أختك من منزلك لتلجأ للانفصال عنك تلك المسافة البعيدة... هي -في الحقيقة- أخطاء كبيرة من زوجتك، وما كان ينبغي لك أن تقبل منها كل هذه التصرفات، لما أوصى الله تعالى به من بر الوالدين والإحسان إليهما، ولما للأم من الحقوق على الابن.

وعلى أية حال، فإن الطلاق -مع أنه ليس ممدوحا في الشرع، وليس مما تجب فيه طاعة الأم- إلا أنه إذا تعين طريقا لحل المشاكل فإنه مسموح به شرحا، ولا يحتاج إلى شيء من هذه التبريرات التي تريد أنت تبريره بها، وهنا لا نريد أن نحثك على طلاق زوجتك، وإنما ندعوك إلى محاولة إصلاحها أولا، وإعادة العلاقة بينها وبين أهلك، ومحاولة رأب الصدع بكل ما تستطيعه، وإن وجدت استحالة تراجع زوجتك عما هي عليه من الحال، ولم تستطع الجمع بين البقاء معها وبين القيام بواجبات أمك من الصلة والبر والإحسان، فإن طلاقها -حينئذ- يكون حلا عادلا، ولا تحتاج فيه إلى التحايل لجعلها هي التي تطلبه.

وفيما يخص منعك إياها من فتح الصيدلية، فإن كانت قد اشترطت عليك حين العقد أنها لا تترك عملها، فليس من حقك أن تمنعها من ذلك، مع ملاحظة أنه لا يباح لها العمل إلا أن لا يكون فيه نهي شرعي، كالاختلاط بالرجال والخلوة معهم ونحو ذلك، وإن لم تكن اشترطت عليك هذا الشرط فمن حقك أن تمنعها من العمل ولو لم يكن فيه محذور شرعي، وراجع في بر الوالدين الفتوى رقم: 94216.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة