الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتغلب على ضعف الشخصية، والرغبة في البكاء عند التحدث؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشكلة عندي أني ضعيف الشخصية أمام الآخرين وأمام أقاربي، وعندما أتحدث في موضوع مع شخص أشعر برغبة شديدة في البكاء وأشعر بالضعف، وأحاول أن أمسك نفسي عن البكاء، لكني لا أستطيع، حتى تمتلئ عيناي بالدموع!

حاولت عدة مرات أن أقنع نفسي بأنني قوي، وأنه لا داعي لهذا الضعف، وأنه لا شيء يستوجب هذا الضعف الشديد، لكنني لا أستطيع، وبمجرد أن يخاطبني شخص، أو أعتذر من شخص، أشعر برغبة شديدة في البكاء!

هذه المشكلة جعلتني أتهرب من الجلوس مع الناس أو الكلام معهم، كما أنني أتجنب النظر إلى عيون الشخص الذي يخاطبني، وأشعر أن حالتي صعبة ومعقدة، ولا أعرف لها تفسيرًا.

أريد وصف دواء لي لأتناوله؛ لأن حالتي سيئة جدًا، رغم أنني قرأت عدة نصائح لتقوية شخصيتي لكنها لم تفدني.

أتمنى منكم أن تساعدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فما وصفته من ضعف في الشخصية يجب أن ننظر إليه من عدة أمور:

أولًا: أعتقد أنك –ومع احترامي الشديد لوجهة نظرك– تقيم نفسك تقييمًا خاطئًا، ومن أسوأ الأمور أن ينظر الإنسان إلى نفسه نظرة سلبية، ويعتقد أنه لا يمكنه تغيير هذه المشاعر، هذا الإنسان الذي ينظر لنفسه هذه النظرة يجب أن يحكم على نفسه بأفعاله وليس بمشاعره.

وأنا على ثقة أنك إذا نظرت إلى ما تقوم به من أفعال، كالتواصل الاجتماعي بالنسبة لتواصلك في الدراسة وأدائك الأكاديمي، سوف تجد نفسك أفضل مما تتصور، ومن هذا المنطلق، أنا أدعوك حقيقةً أن تعيد تقييم ذاتك.

ثانيًا: الذين يشتكون من ضعف الشخصية، دائماً تجد لديهم صعوبات أساسية في إدارة وقتهم بصورة جيدة، ونعني بذلك أن يُقسم الإنسان وقته بصورة منصفة ومتكافئة ومتوازنة، وأن ينخرط في النشاطات الدراسية والنشاطات الاجتماعية، وأن يمارس الرياضة، وأن يختار الصحبة الطيبة ويلتقي معها، وأن يزور أصدقاءه، وأن يكون نافعاً لنفسه ولغيره.

هذا هو الذي يبني الكفاءة في النفس، وأمر التواصل الاجتماعي نركز عليه كثيرًا؛ لأن الإنسان بطبعه كيان اجتماعي، ولا يمكن أن يكسب المهارات إلا إذا تواصل اجتماعياً.

وهناك نوع من التواصل البسيط والسهل جدًّا: مثلًا أن تختار رفقة وأصدقاء تحبهم ويحبونك، من الصالحين ومن الخيرين ومن الأتقياء، فهذا النوع من الرفقة يبعث فيك القوة والطمأنينة، ويحسِّن لديك الدافعية، وتجد بعد فترة أنك قد أخذت من هؤلاء الأخوة سمات طيبة انعكست على أدائك وتواصلك.

أيضًا: ممارسة الرياضة، والرياضة لها قيمة عظيمة لبناء الجسد، وتحسين النفس، وبناء الشخصية وتطوير المهارات الاجتماعية. فالتزم بهذه الخطوات العملية وسوف تفيدك كثيراً.

وفوق ذلك، يجب أن تحقر فكرة تحقير النفس؛ هذه مهمة، ولا بد أن تصحح مفاهيمك، وأنا أؤكد لك أن الناس لا تنظر إليك نظرة سلبية، الناس الآن مشغولة.

لا أريدك أن تعتقد أنك موضوع تحت مجهر الآخرين، ويتم تشريح كل أفعالك وانفعالاتك من قبلهم، فهذا ليس صحيحًا، فثق بنفسك أكثر، واتبع المنهج الذي وصفناه لك، وسوف تجد -إن شاء الله- نفسك قد تغيرت كثيرًا.

أيضًا أنصحك بقراءة كتاب قيّم للدكتور بشير صالح الرشيدي بعنوان "التعامل مع الذات"، والمتوفر في المكتبات، الكتاب بسيط في طرحه، عميق في مضمونه، وقد يساعدك كثيرًا في فهم نفسك وتطويرها، وأسأل الله أن ينفعك به ويجعله سببًا في تحسُّن حالك.

أمَّا العلاج الدوائي، فأنا أراه مهمًّا وفعالًا في حالتك، لأنني أشعر أنك تعاني من شيء ممَّا نسميه القلق أو الخوف الاجتماعي، وهنا سيكون تناول أحد الأدوية أمرًا جيدًا جدًّا بالنسبة لك، وأفضل دواء أنصح بتناوله هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت، Zoloft)، واسمه الآخر (لوسترال، Lustral)، ويسمى علميًا (سيرترالين، Sertraline).

أنصحك بالحصول على هذا الدواء من إحدى الصيدليات، فهو متوفر ولا يتطلب وصفة طبية، وابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة يوميًا (نظرًا لأن الحبة تحتوي على 50 ملغ، فستأخذ 25 ملغ يوميًا)، ويفضّل أن تتناوله مساءً بعد تناول الطعام.

وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة (50 ملغ)، واستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة (25 ملغ) يوميًا لمدة شهرين، ثم إلى نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

أؤكد لك أن الدواء جيد وغير إدماني وهو آمن، ونسأل الله تعالى أن يجعل فيما وصفنا لك من دواء وعلاج سلوكي خيرًا كثيرًا، ونشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً