الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالرهاب بعد أن كنت اجتماعيا!

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا شاب عمري 20 عاما, طالما كنت قادرا على التعامل مع الناس والتكلم بشكل عادي دون أي صعوبات, ولكن منذ حوالي 7 أشهر تقريبا بدأت أشعر بعدم القدرة على النظر إلى عيون من أحدثه, وأشعر بتوتر شديد عند التعامل مع أي شخص.

أصبحت أميل إلى السكوت والابتعاد عن التعامل مع الناس لفترة, ولكني شعرت بأن هناك شيئا ما بي, فحاولت أن أعالج نفسي بنفسي دون أن يعلم أي شخص بما أشعر به, فلم أخبر أحدا قط.

بدأت في أن أعاود التعامل مع الناس, فوجدت نفسي لا أستطيع النظر في عين من أحدثه, فصممت أن أقاوم ذلك الشعور, بالرغم من أن ذلك سبب لي ضغطا عصبيا شديدا, فوجدت أن من أنظر إليه يشعر بشيء غريب من ناحيتي, ويحاول تجنب النظر إلى عيني.

إضافة أنني أصبحت أتحدث بسرعة, وأجد صعوبة أحيانا في نطق الكلام, وعندما أضغط على نفسي لأنظر إلى عين من أكلمه أشعر بعد فترة وكأنني لا أستطيع الرؤية؛ فأضطر إلى أن أغمض عيني, وأنظر إلى أي شيء آخر.

أريد أن أعرف؛ ما الذي أعاني منه؟ وكيف العلاج؟ وإن أمكن ألا يكون عن طريق الأدوية؛ لأني لا أريد أن يعرف أحد شيئا عن ذلك الموضوع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على السؤال.

من الواضح أن ما عندك هي حالة من الرهاب أو الخوف الاجتماعي, حيث يرتبك الإنسان من لقاء الناس والنظر في وجوههم, أو الكلام أمامهم والاجتماع بهم في بعض الظروف الاجتماعية، وحيث تجد صعوبة في الحديث مع الناس, وخاصة الغرباء، مع ما يرافق هذا الخوف من الارتباك, والأعراض الجسدية الأخرى, كالقلق, والتنميل, والتعرق, والارتعاش, وضعف التركيز, وربما فهم ما يُقال لك.

وبالتالي فقد تشعر بعدم الرغبة في الخروج من البيت, أو الاختلاط بالناس، وربما هذا هو سبب الحزن والانطواء الذي كتبت عنه، حيث تجد صعوبة في مواجهة الناس، مما يقلل عندك من طبيعة الحياة الاجتماعية, وبسبب كل هذا فأنت لا تشعر بالثقة الكبيرة في نفسك، مما يجعلك لا ترتاح للاجتماع والتعامل مع الآخرين, وربما تهرب من مواجهتهم ببعض الحجج التي تقدمها للآخرين، فما العمل الآن؟

إن تجنب لقاء الناس وعدم الخروج من البيت وقلة الحديث معهم لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس، ولذلك عليك بالعودة للقاء الناس والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم بالرغم من الصعوبات، وستجد من خلال الزمن أن ثقتك في نفسك أفضل وأفضل، وستجد مقابلة الناس والحديث معهم أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق.

وهكذا فالعلاج الفعال لهذه الحالة هو العلاج السلوكي, والذي هو ببساطة اقتحام اللقاءات بالناس، وتحمل ما تشعر به من الانزعاج، وعدم الانسحاب من هذه المواجهة، حتى تعتد على هذا وتزداد ثقتك في نفسك، وبحيث يمكن أن تصل إلى حالة تستطيع معها الحديث أمام الناس وبكل ثقة وارتياح, إن الكثير من المتحدثين العظام كانوا قد عانوا مما تعاني منه الآن، وهي مرحلة وستتجاوزها مع الزمن.

وبالإضافة للعلاج النفسي المعرفي هناك حالات نصف فيها أحد الأدوية التي تساعد في هذا، وخاصة إن وجد مع الرهاب شيء من الاكتئاب، والذي يحدث بسبب الانسحاب من المجتمع وضعف الحياة الاجتماعية.

ويمكنك في موضوع الكلام أمام الناس أن تتقصد البطء بالكلام؛ لأن هذا يمكن أن يخفي بعض الارتباك الذي قد تشعر به.

أنصحك إذا حاولت من نفسك الخروج من عزلتك, والإقدام على مقابلة الناس، ولم تنجح كثيرا، بأن لا تتأخر بزيارة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي فهذا قد يختصر لك الزمن.

حماك الله من كل سوء، ويسّر لك أمورك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً