الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عرفت بعد مدة أني أعاني من الرهاب ...فهل من نصائح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 20 سنة, أعاني مما يسمى بالرهاب الاجتماعي منذ سنين, ولم أعرف اسمه العلمي إلا قبل أشهر قليلة, قرأت عنه الكثير والحمد لله بدأت أشفى تقريباً من هذا المرض, كنت أخجل جداً, وأرتبك من الذهاب إلى المناسبات الاجتماعية,.

هذا الأمر قل مع ازدياد حضوري لهذه المناسبات, ولكن لدي بعض من صفاته, مثل تزايد دقات القلب, وضيق في التنفس, حتى إنه يجعلني لا أعرف كيف أتكلم, وأرتبك كثيرا, وتزاد هذه الأعراض السابقة عندما أفكر في الزواج, خصوصاً وأني ليس لدي إخوة, وأهلي يضغطون علي من أجل الزواج.

يرجى الرد.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نحن لا نشجع أبدًا أن يطلق الناس على أنفسهم تشخيصات معينة، لأن هذه المسميات -خاصة إذا لم تكن دقيقة أو كانت خاطئة– يكون لها تبعات سيئة على الإنسان، مثلاً: تشخيص الاكتئاب هو تشخيص دقيق جدًّا، وله معايير، وله مقاييس، وله متطلبات، وله سمات، لكن نجد بعض الإخوة الذين يعانون من بعض الشعور بالكرب أو الحزن أو عدم الارتياح يعتقدون أنهم يعانون من مرض الاكتئاب، وهذا في حد ذاته ينتج عنه الاكتئاب، لأن الإنسان إذا تماهى مع شيء ما أو فكر فيه بعمق أو يعتقد أنه يعاني منه ربما يُصاب به.

ذكرتُ هذه الحقيقة لأن الرهاب الاجتماعي مرض له تشخيصه، وله شروطه، وله معاييره، والذي أراه أنه ربما كان لديك بعض ما نسميه بقلق الأداء الاجتماعي، وهذا قد يكون ظاهرة صحية، ليست ظاهرة مرضية.

قلق الأداء الاجتماعي يعني أن الإنسان حين يكون في مواجهة اجتماعية تتطلب نوعًا من التحفيز والتحضير والاستعداد النفسي، وتلقائيًا يقوم الجسم والعقل والنفس بتفاعلات بعضها كيميائي وبيولوجي وبعضها نفسي، ليجعل الجسم في حالة استعداد لمقابلة هذا الموقف ومواجهته من أجل أن يكون الأداء حسنًا وجيدًا.

إذًا نحن أمام ظاهرة صحية فسيولوجية مطلوبة، لكن في بعض الأحيان ربما تشتد مما يجعل صاحبها ينظر إليها نظرة سلبية، والكثير من الإخوة الذين يعانون مما نسميه بـ (قلق الاستعداد التوقعي في الظروف الاجتماعية) قد يكون لديهم شيء من الحياء أو شيء من الخجل، وهذا يعطيهم الشعور بضعف الذات عند المواجهات.

عمومًا الذي أراه -أيها الفاضل الكريم– أنك وبفضل من الله تعالى قد تخلصتَ من هذه الحالة أيًّا كانت إذا كانت قلق أداء أو شيء من الرهاب الاجتماعي البسيط، أو شيء من الخجل، هذا -الحمد لله تعالى– قد تخلصت منه، وأرى أنه قد بقي عندك الحياء، والحياء أمر طيب ومطلوب، والحياء خير كله –أو كله خير-.

والذي أراه هو أن تستمر في برامجك التي تقوم على مبدأ المواجهة، فأنت -الحمد لله تعالى– قمت بتكثيف حضورك للمناسبات، وهذا قطعًا هي الطريقة الصحيحة لفك ما يعرف بالارتباط الشرطي –أي ما بين الخوف والموقف– أنت قمتَ بما يمكن أن نسميه (الإطماء أو الإغمار) أدخلت نفسك بقوة في مصادر خوفك، وأنا (حقيقة) أهنئك على ذلك، وهذا أمر طيب وجميل.

وهذا التحسن الذي تحصلت عليه ووصلت إليه يجب أن يكون دافعًا إيجابيًا قويًّا للمزيد من التحسن.

أعتقد كل المطلوب منك الآن هو أن تتدرب على تمارين الاسترخاء بكثافة، تمارين الاسترخاء تجعلك في حالة سكينة داخلية، مما لا يجعلك تستشعر ضربات القلب، وحتى الكتمة التي تحدث في التنفس، وهي ناتجة من انقباضات عضلية, فإذًا أريدك أن تكثف من هذه التمارين، موقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تطلع عليها وتتمعن فيها وتطبق ما ورد بها من إرشاد، وهذا سوف يفيدك كثيرًا.

النقطة الثانية -وهي متعلقة عندما تفكر في الزواج أو عندما تقابل أقرباء زوجة المستقبل– تأتيك هذه الأعراض النفسوجسدية بكثافة، أنا أريدك أن تتخيل هذه المواقف، وهذا نسميه بـ (التعريض في الخيال) أي أن تتخيل نفسك أنك قابلتَ والد الزوجة المرتقبة أو أخيها، وهذا يحدث، وهنا كل الذي يتطلبه منك الموقف أن تكون في قمة الأدب والذوق -وهذا إن شاء الله تعالى من خصالك وسماتك- وليس هناك ما يجعلك ترهب أو تتجنب.

فإذًا عرض نفسك لهذه المواقف في خيالك، هذا نوع من الدرامة أو الرسم النفسي الموضوعي الذي يعرض الإنسان لمصدر خوفه مما يساعده كثيرًا.

أنا أعتقد أن هذا هو المطلوب وليس أكثر من ذلك، وأريدك أيضًا أن تتذكر أن المشاعر الداخلية التي تأتيك ربما يكون مبالغ فيها، لا يظهر عليك -إن شاء الله تعالى– أي نوع من التوترات أو التلعثم أو الرعشة، هذا أريدك (حقيقة) أن تقتنع به تمامًا.

نقطة أخيرة هي: أن تهتم بجوانب الحياة الأخرى: أن تكثر من التواصل الاجتماعي، أن تجتهد في دراستك إذا كنت في المراحل الدراسية، أن تطور نفسك، تطوير الذات وبناءها مهم جدًّا، وهذا دائمًا يأتي من خلال اكتساب المعارف، الالتزام بالدين، الرأفة بالآخرين.

وحتى نطمئن عليك تمامًا أود أن أختم هذه الاستشارة بأن أنصحك بتناول دواء بسيط يعرف باسم (باروكستين) هذا هو الاسم العلمي، ويسمى تجاريًا باسم (زيروكسات) تناوله لمدة ثلاثة أشهر، هو من الأدوية الممتازة جدًّا التي سوف تشجعك إن شاء الله تعالى وترفع حماستك نحو المواجهات وإتمام الزواج بكل نجاح بإذن الله تعالى.

جرعة الباروكستين المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة، تناولها بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً