الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بضعف عام وتعكر المزاج وأكره التجمعات.. ما هو الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ الطفولة، وحيث إنني تعرضت لمواقف سيئة وعنيفة في الصغر الآن أتحاشى الاجتماعات والمناسبات، وعندما أذهب لأصدقائي لا أريد مجالستهم جميعا أفضل الجلوس مع واحد، ولا أحب أن أجلس في مكان فيه مجموعة، حيث أن المزاح يستفزني عندما يمزح أحدهم معي أشعر بدقات قلبي تدق بقوة، ورجفة مع تعرق ضعيف في المواقف التي أحتاج فيها الدفاع عن نفسي.

وكثيرا ما يكون مزاجي متعكرا وسيئا، وأشعر بضعف عام أحيانا، الرهاب سبب لي مشاكل، أحيانا أتشجع وأذهب لتجمع، وعندما يقوم أحدهم بالسخرية مني، ويضحك الجميع تحدث معي أعراض التعرق، ودقات القلب، والتلعثم.

اشتريت دواء الزيروكسات 20 ملجم أخذت منه الأمس نصف حبة، ولكني سمعت عنه أن له أعراضا خطيرة عند الانسحاب، تخوفت منه، وقطعته، فهل يضرني لو كنت أخذت نصف حبة، وقطعت العلاج نهائيا؟ علما أني أخذته بدون استشارة طبيب.

الرهاب سبب مشكلتي في الحياة، خاصة مع الأعراض التي ذكرتها، فهل من سبيل للتخلص منه؟ علما بأنني أسرح كثيرا، ولا أستطيع التركيز جيدا، وأفضل كثيرا العيش في الخيال.

عمري 27 عاما، موظف وأخشى ترك الوظيفة بسبب الرهاب وتحاشي الناس.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Medo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعتقد أنه حان الوقت الذي يجب أن تعالج فيه الرهاب الاجتماعي بصورة حاسمة جدًّا، هذا الرهاب بدأ معك منذ الصغر، وأعتقد أن عدم الإقدام على معالجته بصورة جادة ربما يكون له تبعات سلبية على البناء النفسي لدى شخصك الكريم.

العلاج للرهاب يأتي من خلال تصحيح المفاهيم، بالنسبة لما تعتقد أنه سخرية من قبل الآخرين أو الضحك فيما يتعلق بتصرفاتك، أرجو أن تصحح هذا المفهوم، ولا تكن حساسًا حول هذا الأمر، لا أعتقد أن السخرية بك قد بلغت درجة الاستهزاء، أو الاحتقار، ربما يكون هنالك نوعا من المزاح هنا وهناك من جانب أصدقائك، ولكن نسبة لحساسيتك العُصابية - أي النفسية القلقية - فأنت تنظر للأمور بتضخيم شديد، فيجب أن تهون على نفسك في هذا الموضوع، وهذا نسميه بتصحيح المفاهيم.

الأمر الآخر وهو الأعراض الفسيولوجية كالتعرق ودقات القلب والتلعثم: هذه الأعراض أيضًا تحس بها أنت بصورة مبالغة جدًّا، هي أقل بكثير وكثير مما تتصوره، وفي ذات الوقت هي تجربة شخصية لا يطلع عليها أي إنسان آخر.

إذًا من خلال تصحيح المفاهيم تستطيع أن تتغير معرفيًا حول مفهوم الرهاب الاجتماعي، وفي ذات الوقت أيضًا أريدك أن تبني أفكارا جديدة، ومواقف جديدة، وهي أن تسأل نفسك (لماذا تخاف اجتماعيًا؟ أنت لست بأقل من الآخرين، وربما تكون لك مميزات أفضل من كثير من الناس) فإذًا المبدأ هو التغيير الذهني الفكري المعرفي أولاً، هذا إن لم يحدث تكون هناك صعوبة كبيرة جدًّا في علاج الرهاب.

بعد ذلك تُقدم على الخطوات العملية، الخطوات العملية تتمثل في تناول الدواء، والدواء مهم جدًّا جدًّا، ولذا لو ذهبت للطبيب النفسي سوف يصف لك أحد الأدوية، الـ (زيروكسات Seroxat) من الأدوية الجيدة جدًّا، وكذلك عقار (زولفت Zoloft)، أو يسمى تجاريًا (لوسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، وعقار (سيبرالكس Cipralex) ويسمى علميًا (إسيتالوبرام Escitalopram)، وعقار (إفيكسور Effexor)، كلها أدوية جيدة وممتازة، وبالفعل تساعد كثيرًا، ولا بد أن تلتزم بتناول الدواء بالجرعة المطلوبة.

التطبيقات السلوكية الأخرى تتمثل في تحقير فكرة الخوف، والإصرار على المواجهة - هذا مهم جدًّا- وأريدك أن تتعلم ما يسمى (المواجهة في الخيال) يعني أن تجلس (مثلاً) في الغرفة، وبكل هدوء تتفكر وتتأمل أنك أمام مجموعة كبيرة جدًّا من الناس، مثلاً طُلب منك أن تصلي بالناس، هذا يحدث في بعض الأحيان، أو طُلب منك أن تقدم عرضًا معينًا أمام أيضًا عدد كبير من الناس وكنت أنت المتحدث الرئيسي، أو كانت لديكم مناسبة في المنزل - مناسبة سعيدة - أنت لا بد أن تستقبل الضيوف (وهكذا).

إذًا تصور هذه المواقف الحياتية الواقعية، والتي متى ما أنزل الإنسان هذا الفكر الخيالي الجميل إلى أرض الواقع يستطيع أن يطبق المواجهات في الواقع، والتطبيقات المهمة والسهلة هي:

أولاً: الحرص على صلاة الجماعة في المسجد، خاصة في الصف الأول، هذا تطبيق سلوكي عظيم ممتاز ليس بالصعب أبدًا، وفي ذات الوقت يروض نفسك سلوكيًا، ويجعلك تخترق جُدر الخوف والرهاب.

ثانيًا: ممارسة رياضة جماعية مع أصدقائك مثل كرة القدم (مثلاً).

ثالثًا: الإصرار على القيام بثلاث زيارات يوميًا للجيران، للأرحام، للمرضى في المستشفيات (مثلاً) يوميًا تُصر على هذا البرنامج، تسميه (برنامج الزيارات العلاجية السلوكية) التي نصحني بها الدكتور محمد عبد العليم.

إذا قمت بهذه التطبيقات سوف تجد نفسك أنك - الحمد لله تعالى - بخير، وعلى خير، وأنا على ثقة تامة أنك - بفضل الله تعالى - سوف تُشفى تمامًا من هذه العلة.

وجد أيضًا ومن خلال دراسات كثيرة أن تطبيق تمارين الاسترخاء إذا طُبقت بصورة جادة وصحيحة ومتواصلة لها فائدة عظيمة جدًّا لعلاج الخوف والرهاب؛ لأن الرهاب أصله نوع من القلق، والاسترخاء المضاد للقلق.

يمكن أن تستعين باستشارة موقعنا التي هي تحت رقم (2136015) وتطلع على ما بها من تفاصيل، وتحاول أن تطبق هذه التمارين، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرنا.

وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً