الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والتوتر والتعرق، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم
في البداية أدعو الله سبحانه وتعالى أن يجزيكم خير الجزاء، على ما تقدمونه في هذا الموقع الرائع.

المشكلة التي أعاني منها بشدة هي أنني دائما في حالة من القلق والتوتر والخوف، وخصوصا في المواقف التي يكون فيها تفاعل مع الأفراد، ســواء كانوا ذكورا أو إناثا، وإن كانت أكثر مع الإناث.

الذي يؤرقني أن هذا القلق والتوتر يكون في مواقف بسيطة وسهلة، مثلا عند دخول أي محل لشراء ملابس مثلا، أو عند حضور زفاف، أو عند التأخر في ميعاد معين؛ فتظهر علامات القلق والتوتر أمام الآخرين وأبرز هذه العلامات هو العرق الغزير حتى في فصل الشتاء البارد، وعندما ينزل مني العرق يزيد القلق والتوتر، فينزل العرق، فيزيد القلق والتوتر ثم ينزل مني العرق أكثر وأكثر وهكذا، مما يجعلني لا أستطيع أن أسيطر على الموقف، مما دفعني للذهاب إلى طبيبة نفسية منذ سنة ونصف تقريبا، وكنت أعلم أن حالتي هي social phobia وذلك من واقع دراستي لعلم النفس، وهو أيضا ما أشارت إليه الطبيبة، فكتبت لي بعض الأدوية هي: (مودابكس) 1مجم، و(بوسبار وابيكسدون واندرال 10 وكوجينتول)، وأخذت هذه الأدوية 4 أو 5 شهور تقريبا، لكن كانت دون جدوى مما جعلني أتوقف من تلقاء نفسي عن العلاج، وعدم الذهاب إلى الطبيبة، وحاولت أن أمارس تمارين الاسترخاء.

علما أني كنت أشعر بتوتر حتى عند ممارسة هذه التمارين، وكنت أجلس مع نفسي حتى أدرب نفسي على بعض السلوكيات الصحيحة، وبعض الأفكار العقلانية، ولكن عند الدخول في الموقف لا أستطيع السيطرة على الموقف، فتزيد سرعة ضربات القلب، وينزل العرق بغزارة، وبالذات من وجهى وكف يدي!

لذا أرجو منكم تفسير ما أعاني منه، وما هو أنسب علاج لحالتي، وإذا كان هذا العلاج غالي الثمن فما هو البديل العلاجي الآخر؟ وما هي المدة التي أستمر فيها على العلاج؟

أنا أفضل أن أكتفي فقط بمودابكس، ولكن من آثاره الجانبية زيادة التعرق، وأنا أريد أن أتغلب على هذه المشكلة كما أوضحت، بالإضافة إلى أنه يؤثر على تأخر القذف، وأنا سأتزوج بعد5 أشهر تقريبا بمشيئة الله، فما رأيكم؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم أنت تعاني من بعض أعراض قلق المخاوف ذي الطابع الاجتماعي، وأرى أنك أيضًا لديك سمات القلق التوقعي، يعني أنك تضع أفكارًا استباقية توقعية بأن أداءك لن يكون جيدًا في أي موقف الاجتماعي، وهذا أقلقك كثيرًا، مما أضعف استجابتك للتمارين السلوكية وتمارين الاسترخاء.

أيها الفاضل الكريم: لا بد أن تضع تصورًا إيجابيًا حول ذاتك، وأن تتفهم أن أعراضك الفسيولوجية الجسدية ليست بالبشاعة والشدة التي تتصورها، وعليك أن تكون حازمًا مع نفسك بأن تطبق بعض التمارين السلوكية الجماعية، من أفضلها الصلاة مع الجماعة في المسجد، ممارسة أي رياضة جماعية مثل كرة القدم، المشاركة في المناسبات، الأفراح والأتراح، الانضمام لأي نشاط ثقافي أو اجتماعي، هذه تجعلك مؤهلاً تمامًا لأن تخترق مخاوفك وتحقرها ولا تعيرها اهتمامًا.

لا بد أن يكون هنالك تغيير معرفي يقوم على مبدأ أنك لست بأضعف من الآخرين، أن مشاعرك التي تأتيك من خلال الخوف هي مشاعر خاصة بك، ولا أحد يطلع عليها.

التطبيقات كما تعرف – وبحكم أنك من قبيلة المختصين النفسيين – فأهم شيء هو التعرض والتعريض وعدم الاستجابة السلبية، وأنصحك بأن تضع برامج يومية تعرض نفسك فيها لثلاثة مصادر من مصادر خوفك، ويمكن أن تستصحب أحد أصدقائك ومعارفك لمدة يومين أو ثلاثة، بعد ذلك تطبق لوحدك، هذا هو الأفضل أيها الأخ الفاضل الكريم.

تمارين الاسترخاء هي تمارين جميلة وطيبة، وبحكم أنك أخصائي نفسي يجب أن تدرب الآخرين على هذه التمارين، وهي بسيطة وجميلة جدًّا، من أجمل الطرق التي يمكن أن تمارس من خلالها هذه التمارين: أن تُهيئ لنفسك جوًّا هادئًا وجميلاً ليس فيه ضوضاء أو مشاغل أو حتى إضاءة زائدة، الغرفة الهادئة، يمكن أن تسمع لشريط من القرآن الكريم بكل هدوء، تغمض عينيك، تسمِّ الله تعالى، تتأمل فيما هو طيب وجميل، وبعد ذلك تبدأ خطوات الاسترخاء، لا بد أن يكون عندك إرادة التحسن.

أما من حيث العلاجات الدوائية فقطعًا الـ (مودابكس moodapex) دواء ممتاز، ليس له آثار سلبية حقيقية، حين يكون بجرعة حبة واحدة في اليوم.

لا تشغل نفسك بموضوع تأخر القذف، فهو أمر عرضي وسينتهي تمامًا، التزم بالجرعة، وتأكد أن الفائدة العلاجية الدوائية قد تتأخر، شاهدتُ من لم يبدأ عندهم التحسن إلا بعد خمسة أو ستة أشهر، هذا الكلام يجب ألا يكون مُحبطًا لك، إنما أنا أشجعك، وتكون على قناعة أن استعجال النتائج في بعض الأحيان ليس أمرًا جيدًا.

استمر على جرعة حبة واحدة فقط من الموادبكس، تناولها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، وربما يكون أيضًا من الأفضل أن تُدعم المودابكس بعقار (فلوناكسول Fluanxol) هذا اسمه التجاري، ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول Flupentixol) هو دواء بسيط ولطيف جدًّا، ومضاد للقلق، تناوله بجرعة نصف مليجرام - أي حبة واحدة – في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المملكة المتحدة Na

    نفس حالته بالضبط ،حالتي تمنعني من الحياه بأختصار

  • ليبيا Ahmed

    السلام عليكم ..
    اولا اسال الله لك الشفاء..
    ثانيا اود ان اقوال سبحان الله نفس حالتي بالضبط..
    وشكرا لدكتور على الاجابة لان استفدت منها. وشكراللجميع

  • المغرب عزيز

    وأنا مثلكم تماما

  • العراق Muammal almosawi

    نفس حالتي خصوصا بالتعرق

  • سامي

    لدي نفس الحالة انها تدمر حياتي في كل يوم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً