الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالغرابة في حياتي وفي من حولي، فهل هذه أعراض نفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أصف لكم حالتي.
هذه الحالة مستمرة معي منذ شهرين، لا أدري كيف أصفها، لكنني أشعر كأنني في حلم، وبأن وجودي مثل عدمه، يعني أحيانًا أمر بجانب الناس وأنا أمشي في الشارع وأقول في نفسي: دعني أسلم عليهم، ربما أنا غير موجود.

ينتابني شعور بأنني غير متواجد بين الناس، وأحيانًا أضرب نفسي كفًّا لأتأكد من وجودي.

والأقوى من ذلك أنني لم أعد أشعر بأي مشاعر تجاه أحد، لا فرحًا ولا حزنًا، ولا حبًا ولا أي شيء، حتى التي أحبها لم أعد أشتاق إليها كما كنت من قبل.

حتى إن الأكل لم يعد يهمني، لا أمانع في عدم الأكل، لا أشعر بالجوع، كنت سمينًا وكان وزني 120، ومنذ هذه المشكلة وزني في انخفاض، وزني الآن 105، بسبب عدم الأكل كما كنت من قبل.

وأشعر بشيء غريب، وهو أن أي شخص يكلمني أنسى كلامه فور انتهائه، لا يبقى في عقلي، لا أدري ما الذي أصابني! وأيضًا أشعر بجسمي خفيفًا، كأنه مليء بالهواء، لا أدري كيف أصف هذا الشعور، لكنني حاولت تقريب التعبير قدر الإمكان.

أتذكر أنه قبل هذه المشكلة كنت أشعر بحرارة زائدة، وانسداد في الشهية. وكذلك أشعر بشيء غريب آخر، وهو تغيُّر حاسة التذوق لديَّ، فبعض العصائر التي كنت أشربها من قبل أصبح مذاقها مُرٌّ جدًّا، يعني حامضة.

حاسة التذوق تغيَّرت بشكل كبير، ولكن الحمد لله في أواخر شهر شعبان بدأتْ حاسة التذوق تعود، ولكنها ليست كما كانت من قبل، يعني الحموضة التي كانت في لساني قلّت والحمد لله.

عمري 17 سنة، وفصيلة دمي O+، وهذا ما أتذكره عن بداية المشكلة. لا أدري أي طبيب أختار، ولكن إذا اخترت الطبيب الخطأ، أتمنى أن تحول رسالتي إلى الطبيب الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مما استخلصته من رسالتك أستطيع أن أقول لك أن هذه التساؤلات التي تدور في خلدك حول ذاتك وحول وجودك، وهل الأمور حقيقية بالنسبة لك أم هي مجرد شيء من الخيال؟

هذه –أيها الفاضل– كلها أنماط وسواسية من التفكير، ونسبة لزيادة في وزنك السابقة، وما قمت به -والحمد لله- الآن من إنقاص للوزن جعلك تُركِّز كثيرًا على موضوع الوزن، وهذا يُعرف عنه أنه قد يُساعد أحيانًا إلى حدوث ما يعرف باضطراب الأنية، أي إن الإنسان يحس كأنه متغرب عن ذاته، كأنه ينظر إلى نفسه من مكانٍ بعيد، كما وصف ذلك أحد الأخوة الأطباء الزملاء.

عمومًا لا أريد أن أُعقّد لك الأمور، أو أفصِّلها لك بصورة فنيّة نفسية غير واضحة، الأمور ببساطة شديدة هو أن لديك نوع من القلق الوسواسي، وهذا -إن شاء الله تعالى- أمرٌ بسيط جدًّا، ربما تكون المرحلة العمرية قد أثَّرت فيك، لأن عمرك هو عمر التغيُّرات النفسية والبيولوجية والهرمونية والفسيولوجية، هذا كله يُؤدي كثيرًا إلى مشاعر التغرُّب عن الذات، وعدم التأكد من الذات، ومشاكل الهوية، ومشاكل الانتماء، ومشاكل الوزن، والتفكير حول الوزن.

هذه كلها مرتبطة بالمرحلة العمرية، لذا -إن شاء الله تعالى- تكون أعراضك هذه عارضة جدًّا وستنتهي، لكن عليك بالآتي:
- اجتهد في دراستك.
- واسع في إنقاص وزنك.
- واختر لنفسك الرفقة الطيبة والصالحة.
- لا تجعل مجالًا للفراغ أبدًا، الفراغ الزمني والفراغ الذهني، لأنه يجعل الإنسان يدقق ويُفكّر في الأمور بصورة وسواسية، حتى التفكير في الذات بالصورة الوسواسية التي تحدثت عنها يجعل الفراغ فيه دورًا كبيرًا.

- أحسن إدارة وقتك؛ لأن هذا هو إدارة الحياة.
- اسع في بر والديك.
- مارس الرياضة.
- الصحبة والرفقة الطيبة الراشدة دائمًا تفيد.

هذا هو الذي أنصحك به، وإن شاء الله تعالى هذه فترة عابرة وعابرة جدًّا في حياتك، وكل عام وأنتم بخير، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً