الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من النظرة السلبية تجاه نفسي وعلاقاتي بالآخرين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 21 سنة, كنت أظن أن المشكلة الكبيرة في حياتي هي ممارسة العادة السرية, وأنه فور الإقلاع عنها سوف تتحسن الحياة, ولكني اكتشفت أن المشكلة الأكبر مشكلة نفسية واجتماعية.

فأنا أعاني من الرهاب الاجتماعي, ولي أصدقاء منذ الصغر, كأي شخص, ولكن مع مرور السنين اكتشفت أنهم قليلون, وأعتبرهم جميعا سواء, فلا يوجد لي صديق بمعنى الكلمة, فأنا لا أستطيع تكوين صداقات, أو الانسجام مع غيري بشكل تلقائي, أو حتى فتح حوار مع شخص ما, إلا إذا كان هذا الشخص لبقا؛ فأستطيع مجاراته في الحديث, مع شعوري بالقلق.

عندما التحقت بالجامعة لم أندمج مع زملائي الجدد كما يفعل الآخرون, فدائما أشعر بالتردد والقلق والخجل, وأيضا أعاني من الوساوس القهرية, والتي لا تفارقني, وخصوصا أثناء جلوسي وحيدا.

أسئلة كثيرة تتوارد إلى فكري, فمثلا ماذا سأفعل غدا؟ ومتى سأذهب إلى (س)؟ وكيف سأذهب؟ وماذا سأعمل فور تخرجي من الجامعة؟ وكيف سأرد إذا وقعت في هذا الموقف المحرج؟ ولا يتوقف الأمر عند ردي على هذه الوساوس مرة, بل تعود لي مرات ومرات, ولا أجد طعما للحياة في هذا المناخ.

فهل يوجد دواء مادي يغنيني عن زيارة طبيب نفسي مثلا؟ وهل له آثار جانبية؟

أريد برنامجا علاجيا متكاملا, ماديا ومعنويا بفترة زمنية, وأريد أن تتحسن شخصيتي, وأتفاعل مع المجتمع بلا خجل وبلا تردد.

وفقكم الله ونفع بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khedr حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك مشكلة -إن شاء الله- بسيطة، وهي أنك محتاج لأن تُحسن تقدير ذاتك، والذي أراه أن مقدراتك ممتازة ومتميزة جدًّا، لكنك تنظر إلى نفسك وإلى مقدراتك –خاصة مقدراتك الاجتماعية– بشيء من السلبية، وهذا فيه عدم تأكيدٍ للذات أو تقديرٍ للذات بصورة سلبية.

ولديك ما يمكن أن نسميه بالقلق التوقعي ذو الطابع الوسواسي، نعم أنت تطرح على نفسك أسئلة كثيرة، وهذا أمر طبيعي، لكن الذي يظهر لي أن هذه الأسئلة حين تطرحها على نفسك تأخذ الطابع التحليلي الوسواسي، وهذا قطعًا يزيد من قلقك.

أيها الفاضل الكريم: أولاً أؤكد لك أنك لست مريضًا.

ثانيًا: الذي تعاني منه من ظاهرة من أنك لا تقدر مقدراتك بصورة صحيحة، هذا يجب أن يتم التعامل معه من خلال أن تكون مُنصفًا لنفسك، لا تقلل من شأنها، ولا تجعل ذاتك أيضًا منتفخة كما يفعل بعض الناس، كن واقعيًا، تلمَّس مصادر القوة في نفسك –وهي كثيرة وموجودة– أنت والحمد لله تعالى من حيث الدراسة والأكاديميات ممتاز جدًّا، مقدراتك التعبيرية رائعة جدًّا، وأحسب أن لديك بعض العلاقات لكنها غير مرضية بالنسبة لك، لأنك تخاف من الفشل خلال بنائك لهذه العلاقات.

فيا أيها الفاضل الكريم: أقدِم على زملائك، مارس رياضة جماعية مع بعض الشباب، احرص على الصلاة في جماعة، هذه كلها وسائل تجعلك إن شاء الله تعالى تتعرف على الشباب الجيدين والناجحين والصالحين؛ مما يوطد من علاقاتك الاجتماعية، خاصة أنك تحب بالفعل أن تكون في صحبة الجيدين والمتفوقين حسب ما ورد في رسالتك.

وزّع وقتك بصورة جيدة، النوم المبكر فيه فائدة كبيرة بالنسبة لك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أرى أهمية كبيرة في حالتك، لكن لا بأس من أن تتناول عقار مثل (مودابكس) والذي يعرف باسم (سيرترالين) وهو متوفر في مصر، وتحتاج له بجرعة صغيرة، نصف حبة يوميًا (خمسة وعشرين مليجرامًا) تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء سليم جدًّا وفاعل، وليس له آثار جانبية خطيرة أبدًا، ربما يؤدي إلى شيء من الشعور بالاسترخاء أو النعاس البسيط، لذا تناوله ليلاً، وهذا سيكون في بداية العلاج، ربما أيضًا فتح شهيتك قليلاً نحو الطعام.

لا شك أن إقلاعك عن العادة السرية هو أمر ممتاز, ويجب أن تكافئ نفسك على هذا بأن تحسّ بمشاعر إيجابية، فهذا إنجاز كبير، وبقية صعوباتك إن شاء الله تعالى كلها سوف تتجاوزها، فهي تتعلق بتقدير الذات وشيء من القلق الوسواسي كما ذكرنا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً