الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أغير من نفسي وأعيش واثقا من نفسي؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 21 عاما، طالب في إحدى الكليات في مصر، أعاني من ضعف الثقة في النفس، ومن الخوف الدائم من المستقبل، حتى في بعض الأحيان يتحول الشيء الذي أخاف منه إلى واقع، بجانب التشاؤم بشكل مستمر في معظم أمور الدنيا.

أصبحت أعاني مؤخرا من السلبية الشديدة، وعدم المبالاة، والكسل والإحباط بشكل دائم ومستمر، وبدأت في الفترة الأخيرة أنعزل عن الحياة الاجتماعية، وعن الأصدقاء بشكل خطير.

التفاصيل هي:

- أعاني من العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية، والتي تفسد علي حياتي بالكامل، وتدمرها بشكل شامل وتام، من معظم جوانب الحياة الخاصة بي، وسألخص أهمها في الآتي:

- أعاني دائما وبشكل مستمر من الشعور بالندم واليأس والإحباط.

- أشعر أنه يقع على عاتقي مسؤوليات تجاه أسرتي، خاصة بعد وفاة والدي في مرحلة الإعدادية بشكل مفاجئ، وضعف الحالة المادية بعد ذلك، لكني غير قادر وعاجز عن ذلك بسبب ضعف الرواتب في فرص العمل المتاحة، علما أنني عملت لفترة في فنادق فاخرة، لكن في مجال الميسر والخمور، ولم أكمل بسبب أنها حرام، وكنت أخاف من حساب الله في الدنيا والآخرة، وكنت لا أحب أن اكون شخصا مغضوبا عليه من الله (مع أني أغضبه في بعض الأشياء مثل ترك الصلاة).

لكن المشكلة بعد ذلك أنني لم أستطع أن أتحمل، أو أن أتقبل عملا أقل في الراتب، ويقل من شأني في نظرة المجتمع والمقربين مني بسبب طبيعة العمل (عامل نظافة) ثم أصبح بعد ذلك هذا حجة لنفسي أن لا أذهب إلى أي عمل، مع أن مستوى الأسرة المادي لا يسمح بهذا التراخي، واهدار الوقت.

- أعاني من ضعف شديد في المستوى الدراسي منذ أن كنت طفلا، والمشكلة ليست في هذا، بل إن هذا جعلني دائما أخجل من نفسي، فدائما أمام الآخرين أشعر أنني أقل من أي شخص، حتى لو كان أقل مني علميا، يعني هي عقدة نفسية، لكني أكون صريحا أمام أي شخص، وأعترف أني ضعيف دراسيا، وأعلم أن هذا غير كافٍ، ولن يغير من الأمر شيئا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ hesham حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفق معك، فهنالك حالة من الإحباط العام يعاني منها الكثير من الشباب الآن، وفي حالتك -أيها الفاضل الكريم– أريدك أن تبعد تمامًا عن التعميم، لا تعمم كل سلبي على حياتك، لأن هذه مشكلة أساسية تؤدي إلى اهتزاز الثقة، هنالك جوانب مشرقة وممتازة في حياتك ولا شك في ذلك، وهنالك جوانب سلبية قد تكون فرضت نفسها عليك، أو قد تكون أنت ساهمت فيها بصورة شعورية أو لا شعورية.

أول ما تفكر فيه أنك والحمد لله تعالى في عمرٍ كله طاقات، كله اندفاعية وقدرة على الإنجاز، وهذا هو جوهر الأمر في حالتك، والإنسان ما دام هو موجود وفي صحة جيدة فبقية الأمور سهلة -إن شاء الله تعالى-.

إذًا المبدأ الرئيس أن تؤكد لنفسك وجودك ومقدراتك، وكما قلت لك: لا تربط بين الأمور السلبية، الآن أنت وضعت شبكة من الأمور السلبية في الحياة حاصرت بها نفسك تمامًا، وهذه إشكالية.

أنت تتكلم عن الإحباط، وتتكلم عن الاكتئاب، وتتكلم عن الحالة المادية وضعفها، تتكلم عن مخاوفك حول مسؤوليات الأسرة، أنت لا تصلي أو لا تصلي كما هو مطلوب... هذا كله -أيها الفاضل الكريم– محاصرة فظيعة لذاتك بمناهج كلها سلبية.

النقطة الثانية التي يجب أن تعرفها: أن التغيير يأتي منك أنت، لن يهبك أحد شيئًا يُغيِّر حياتك، وفرص التغيير موجودة، حتى وإن كانت فرص العمل ليست كما هو مطلوب.

أول ما تقوم به -أيها الفاضل الكريم– هو تقوى الله، هذا مهم جدًّا، والصلاة هي على رأس الأمر كله، هي قيمة عظيمة، تبعث فيك الطمأنينة والمقدرة على الانفتاح نحو الدنيا لتسعَ في الأرض وتبحث عن رزقك، والأمر الثاني هو: أن تبر والديك.

وبالنسبة لمسؤوليتك نحو أسرتك: هذا أمر يجب أن تعتز به، ويجب أن يكون دافعًا لك، لأن الإنسان الذي لا يلعب دورًا في الحياة ولا يكون مفيدًا لنفسه ولغيره لا فائدة فيه، إذًا حباك الله بهذا الدور أن تقوم به، وتحمُّل المسؤولية دائمًا دافعًا للطاقات الإيجابية لمن يُريد أن يسترشد بذلك.

وبعد ذلك ابحث عن عمل، أي عمل، الحمد لله تعالى أنك قد ابتعدت عن مجال الخمور والعمل في الفنادق التي تُقدم هذه الخمور، بعد ذلك لو عملت أي عمل هو شرفٌ وعزة نفس، انظر إليه من هذه الزاوية.

وضعفك الدراسي -أيها الفاضل الكريم– استبدله الآن بالعمل الجيد، بالدراسة غير الأكاديمية وبالاطلاع، ومحتاج لأن تنظم وقتك، وأن تبعث في نفسك أفكارًا إيجابية جديدة.

هذا الانهزام الذي فرضته على نفسك من شعورٍ بالاكتئاب والضجر، لا، هذا يُغيَّر ويُبدَّل، واعلم أن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً