الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الإصابة بالسرطان أفسد عليّ حياتي.

السؤال

السلام عيلكم

أنا طالب في ثانوية المتميزين، في الصف السادس العلمي، توفي والدي قبل أسبوعين، وأنا وأمي نعيش وحيدين، وأمي تعاني من ضغط دم مرتفع، وأنا أعاني من خوف شديد من الأمراض، وقبل أسبوع بدأت بقياسات السكر، فكان لديّ انخفاضات في بعض الأيام، واستقر القياس آخر مرتين عند 82 -والحمد لله-، والضغط كان يصل عندي إلى 131 على 86 عند التوتر والخوف، وخاصة عند القياس، فإن النبضات تصل إلى 100 نبضة.

أنا أتعب عند أقل مجهود؛ لأني لا أمارس الرياضة، وأشعر بكآبة؛ لأني في الصف السادس علمي، وأريد معدلًا مرتفعًا، وأبي متوفى، وأمي صحتها غير جيدة، وأخاف أني مصاب بالسرطان -لا قدر الله-؛ لأن الشعور بالتعب قرأت عنه في النت، وربطته بهذا المرض، وأصبت بخوف شديد؛ حتى أني حجزت عند طبيب، وفي الأسبوع المقبل سيكون موعدي.

قبل يومين لعبت كرة القدم لفترة 3 ساعات، وتعبت، وشربت الكثير من الماء، وتعرّقت، واستبدلت ملابسي، وشعرت ببرد، وأكلت كثيرًا، وشعرت بوجع في أسفل البطن من الجهة اليسرى، وخاصة عند التقلص والحرقة والغازات، مع العلم أن البراز لونه طبيعي.

أنا أنتظر موعد الطبيب بفارغ الصبر؛ لكي أتأكد بأني غير مصاب بالسرطان الذي أخاف منه كثيرًا، وخاصة عندما أشاهد أعراضه في الإنترنت، فأخاف أن أكون مصابًا بها، واليوم قمت بقياس ضغطي، وكان 140 على 90، وهذه أول مرة يصل فيها إلى هذا الحد، فخفت كثرًا، وأُصِبت بهلع، وأمي خافت، وارتفع ضغطها.

دقات القلب تزداد عندي عند قياس الضغط، فتصل إلى 135، وأخاف أكثر أن أكون مصابًا بشيء الآن! لا أعرف ماذا أفعل؟ مع العلم أني بدأت آخذ حبوب (نيوربين) الذي يستخدم لفقر الدم، بدأت بأخذها منذ 4 أيام، وأديت الصلاة، لكن الشيطان يوسوس لي بأني أصلي خوفًا من المرض فقط، والله لا يقبل الصلاة؛ لأنها ناتجة من الخوف من المرض. وشهيتي للأكل مفتوحة.

ما نصيحتكم، وماذا تتوقعون؟ فأنا أنتظر موعد الطبيب بفارغ الصبر، ولا أقرأ دروسي جيدًا؛ خوفًا من الأمراض التي قد تكون أصابتني، وأفكر بالموت، وأخاف على صحتي.

شكرًا لموقعكم المفيد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله -تعالى- لوالدك الرحمة والمغفرة.

أنت تعيش الآن فترة من الأحزان على والدك -ولا شك في ذلك-، وهذا جعل الخوف من الأمراض يُسيطر عليك، ربما تكون أصلاً شخصيتك شخصية حساسة، ولديها ميول للقلق والمخاوف، وتجسدت الأعراض وأصبحت واضحة وجليَّة، وأقصد بذلك أعراض الخوف من المرض، خاصة مرض السرطان.

حدة الأعراض في هذه الفترة -كما ذكرت لك- مرتبطة قطعًا بفترة الكرب التي تعيشها بعد وفاة والدك.

أقول لك: هذا الأمر يُعالج من خلال التوكل والدعاء، وأن تُحقّر هذه الفكرة، أي فكرة أنك مُصاب بالسرطان وغيره من الأمراض المشابهة، وألا تتطلع كثيرًا على الإنترنت خاصة القراءة حول الأمراض، قد لا تكون موثّقة في بعض الأحيان.

اجتهد في دراستك، واعرف أنك الآن يجب أن تتحمل مسؤوليات أكبر بعد وفاة والدك -عليه رحمة الله-، يجب أن تكون مساندًا لوالدتك، وهي في مرحلة العدّة، ويكون لك وجود حقيقي في الأسرة، وتكون إسهاماتك إيجابية، وهذا قطعًا سوف يصرف -إن شاء الله تعالى- انتباهك كثيرًا عن الأعراض الجسدية الناتجة من قلق المخاوف الوسواسي.

احرص على صلاتك، وأغلق الباب أمام الشيطان، أنت تصلي طاعة لله، وحتى إن كانت صلاتك بقصد الدعاء ليُرفع عنك البلاء، فهذا لا بأس به أبدًا، لكن الصلاة لها شروطها، وكن خاشعًا فيها، وعليك أيضًا أن تمارس شيئًا من الرياضة، وأن تستمتع بوقتك، واحرص على النوم المبكر.

بعد أن تقابل الطبيب -وأنا متأكد إن شاءَ الله تعالى أن النتائج ستكون سليمة- سوف يصرف لك الطبيب أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، ومن أفضلها عقار يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat)، ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، أو عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا باسم (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، وهي أدوية معروفة بالنسبة لمعظم الأطباء، حتى وإن كانوا أطباء غير نفسيين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً