الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسست بنغزة في صدري وضيق في النفس والتحاليل سليمة

السؤال

السلام عليكم

البداية في شهر 11/2014 أحسست بنغزة في صدري وضيق في النفس، فتوجهت للدكتور وتم عمل رسم قلب وطلب أشعة على القلب إيكو، وتم عملهم والنتيجة جيدة.

وأيضاً اشتكيت من آلام في فم المعدة، وتم عمل أشعة مقطعية على الصدر، وعمل منظار معدة، وأشعة أخرى على البطن، والنتيجة التهابات في الصدر والمعدة، والاثني عشر.

وكان يوجد لدي الجرثومة الحلزونية بنسبة صغيرة، وتم علاجها، وإلى الآن وأنا متعب، ويلازمني صداع دائم، فزرت أطباء بجميع التخصصات، ويقولون: ليس عندك مرض ولعلها حالة نفسية!

علماً أني منذ بداية تعبي ظهر لدي تعب غريب لازمني طول الستة الشهور، وهو ألم في يدي ورجلي، يأتيني عند النوم ووقت الاسترخاء، والآلام تأتي في الأربعة الأعضاء معاً، وإذا جاءت في المفاصل تأتي معاً، وإذا جاءت ما بين اليد والكوع تأتي ما بين القدم والركب، وهذه الآلام يومياً عند النوم، وإذا وقفت ربع ساعة فقط أحس بآلام أيضاً على مدار اليوم، أحس بضيقة فيها، وعدم راحة، ولا يوجد أي تورم أو احمرار.

علماً أني زرت طبيب مخ وأعصاب، وعملت رسم عصب، والنتائج ليس فيها شيء، وعملت جميع التحاليل وأكثر من مرة، ولا يوجد في التحليل ما يثير الخوف، وكلها نتائج طبيعية.

علماً أني متزوج، وأعمل موظفا، ولا يوجد ما يضايقني، وأحوالي المادية مستورة والحمد لله، وزني 88 كيلو، والطول 178، وليس عندي سكر، ولا أقف لفترات طويلة، وكنت مدخناً، والحمد لله تركت.

الرجاء التكرم منكم بتشخيص الحالة والنصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كيكو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك الثقة في إسلام ويب.

رسالتك واضحة جدًّا – أخِي الكريم – وحالتك هذه شائعة جدًّا بين الناس.

أقول لك: إن الحالة بالفعل هي نفسية، وحين أقول لك نفسية لا أعني أنك مُصاب بمرض نفسي، لا، ليس لديك اكتئاب، ليس لديك علة نفسية رئيسية، إنما هو مجرد قلق جعلك تحسُّ ببعض الأعراض الجسدية، وهذه الحالات تُسمَّى بالحالات النفسوجسدية، القلق النفسي قد يكون واضحًا، قد يكون ظاهرًا، لكن في بعض الأحيان قد يكون مُقنعًا، ويظهر في شكل أعراض جسدية من النوع الذي تعاني منه – أيهَا الأخ الفاضل الكريم -.

الإنسان قد يُصاب ببعض الأعراض العضوية مثل: الالتهابات المعدية، الانقباضات العضلية، وحين يكون قلقًا بطبعه حتى وإن كان هذا القلق مُقنعًا، هنا تظهر الأعراض مُضخمة ومُجسَّمة، أي أن المرض العضوي البسيط تضخم وازدادت حِدَّته من خلال الجانب النفسي، وتعرف – أيها الفاضل الكريم – أن النفس والعقل والجسد مرتبطة ارتباطًا وثيقًا.

حالتك بسيطة – أيها الفاضل الكريم – وما أجريته من فحوصات قد طمأننا كثيرًا، وأرجو أن يُطمئنك أنت أيضًا.

الذي أعجبني أن حياتك فيها إيجابيات عظيمة، أوقفتَ التدخين، لديك الأسرة، لديك العمل، ويا أخِي: هذه هي المتطلبات الحياتية الرئيسية والمهمَّة، هذه الأمور حرم منها الكثير من الناس، فأنت - الحمد لله تعالى – في خيرٍ ونعمةٍ، ويجب أن يكون تفكيرك على هذا المنوال، هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية – أخِي الكريم –: لا أريدك أبدًا أن تتنقل بين الأطباء، الأمر في غاية الوضوح، وإن استطعت أن تقابل طبيبًا نفسيًا فهذا أمرٌ جيد، وهذا لا يعني أنك مريض نفسيًا، ولكن اذْكُر له أن حالتك هي حالة نفسوجسدية، وبعد أن تحكي له سوف يقتنع تمامًا بهذه الحالة، وفي أغلب الظن سوف يُعطيك أحد مضادات القلق، كما أن مُحسِّنات المزاج وُجد أنها فاعلة جدًّا.

النقطة الثالثة – أخِي الكريم –: هي ممارسة الرياضة، الرياضة وُجد أنها فعالة، أنها ضرورية، أنها مهمَّة، أنها تقوي النفوس، أنها تقوي الأجساد، وتُزيل تمامًا مثل هذه الأعراض.

رابعًا: يجب أن يكون لك نوع من المتنفَّسات النفسية، عبِّر عن ذاتك، تأمَّل تأمُّلاتٍ إيجابية، اقض وقتًا مع أسرتك.

كما قلنا: مارس الرياضة، يجب أن تكون لك مشاريع إيجابية في الحياة، كن تاليًا لكتاب الله، وكن في صحبة الصالحين، وكن بارًا بوالديك، هذا رصيد عظيم جدًّا لصحتك النفسية والجسدية.

النقطة التالية – أخِي الكريم – هي: أن يكون لديك طبيب تثق فيه، طبيب باطني، طبيب عمومي، طبيب رعاية صحية أولية، تُراجعه مرة واحدة كل ستة أشهر لإجراء الفحوصات الروتينية، هذا أمرٌ وجد أنه مفيد جدًّا، ويمنع تمامًا ما يُسمى بالمراء المرضي أو التوهم المرضي، والذي يعني التنقل بين الأطباء دون داعٍ لذلك.

أخِي الكريم: أود أن أضيف، كما ذكرتُ لك سلفًا، زيارتك للطبيب النفسي ستكون مفيدة، لكن إن لم تتمكن أنا أريد أن أنصحك بعقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) من الأدوية الممتازة، مضاد للقلق وللتوتر، وتفيدك كثيرًا في مثل أعراضك هذه.

يمكن أن تضيف لها أحد محسِّنات المزاج، ومن أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، والذي يعرف في مصر (مودابكس Moodapex).

الجرعة المطلوبة من المودابكس هي نصف حبة، تتناولها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم تجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبةٍ يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم تتوقف عن المودابكس.

أما الدوجماتيل فجرعته هي كبسولة واحدة في الصباح، وقوة الكبسولة خمسون مليجرامًا، تتناولها لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها كبسولة صباحًا وكبسولة مساءً لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء، هي أدوية بسيطة وفاعلة ومفيدة جدًّا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فهد علو

    وانا معي نفس الحالي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً