الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تريد تأخير الزفاف لأجل رضا الناس..ماذا أفعل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة تم عقد قراني قبل فترة قصيرة، ومنذ حداثة سني وأنا أشعر دائمًا بوجود خطأ في المجتمع، ويؤلمني بعدنا عن التعاليم الإسلامية وسنن نبينا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، لا أستطع تغيير شيء، رغم وجودي في أسرة محافظة أو تظن نفسها كذلك محافظة -أي تخشى كلام الناس-، تحافظ على احترامها وسمعتها فقط من أجل الناس، وليس الخالق!

كنت أصمت عن كل هذا حتى بعث لي الله رجلاً صالحًا يفكر مثلي، قصد قربي بارتباط شرعي يرضاه الله، تناقشنا كثيرًا، وعلم بشأن أفكاري، ووجدته يفكر كما أفكر، ويريد حقًا السير على خطى الحبيب المصطفى.

حين تم طرح موضوع الزفاف وطقوسه التي لا يعترف بها الشرع أبدًا، وتستنزف كل ما تملكه الأسر من أجل سراب، رفض تمامًا لكن والدتي وأهلي كباقي الأهالي يرغبون بالفرح بحجة الناس، ولأننا أناس كغالبية الناس إمكانياتنا بسيطة، قررت أمي تأجيل الزفاف لسنتين؛ بحجة أنها الفترة الكافية لتجهزني فيها ولتقيم لي زفافًا يرضاه الناس ولتفرح بي.

رفضت أنا وزوجي الفكرة، لكن أمي انهارت لاحتجاجنا، ووصلنا لطريق مغلق، وجدت نفسي أختار أمي كي لا يحدث لها مكروه، رغم علمي بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكنت على وشك التخلي عن كل شيء، لأنني تعبت، ولا أملك القوة لمواجهة وتغيير المجتمع، لولا تمسك زوجي بي وخضوعه وتفهمه في النهاية.

صرت أعاني كثيرًا ولا أستطيع الصراخ بأني أحبه، ولا أرغب بالبقاء بعيدًا عنه، وفي نفس الوقت لا أرغب بإغضاب أمي وتركها غاضبة كل العمر، بسبب سنتين ستمر.

تدهورت حالتي النفسية كثيرًا، وأشعر أن الجميع يكرهني، وأني قمت بفعل شنيع لأنني تزوجت، الجميع ينظر إلى زوجي نظرة قاسية، ويتهمونه بالتعصب والتشدد، لأنه جريء في الدفاع عن حبنا ودينه قبل كل شيء.

تخليت عن دراستي الشرعية، ولا أشعر أني قادرة على فعل شيء، ومتعبة جدًا، وبت أتمنى فقط الجلوس بمفردي بغرفة مغلقة، وعدم فعل أي شيء!

أرجو منكم مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية، وردًا على استشارتك أقول: وفقكما الله تعالى في حياتكما، وجنبكما ما تنقدانه على المجتمع، وجعلكما معتدلين في حياتكما كلها.

إن مجتمعنا الإسلامي يعاني من تناقضات كثيرة في حياته، فأقواله تخالف أفعاله، وتعديله يحتاج إلى وقت وصبر، وجهود متواصلة في مجالات شتى، وليس كما تفهمين أو تريدين، وهذه مهمة شاقة تحتاج إلى تظافر الجهود.

نصيحتي لكما ألا تصطدما مع من حولكما، وكونا رفيقين في توجيهاتكما لمن حولكما، وإلا نفر الناس من حولكما وأبغضوكما، فالرفق مطلوب كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه).

هنالك أمور لا بد من مسايرة عادات الناس فيها، مثل تجهيز الأعراس مثلاً، خاصة إن أصر أحد الأطراف، وإن كان فيها شيء من الإسراف فيكيفكما أن تنصحا برفق ولين، والإثم على من أصر على الإسراف في غير ما طائل.

أتمنى منك ألا تكبري الموضوع، وتعاملي مع القضية بواقعية، ولا تنعزلي عن التعايش مع أهلك، حتى لا تصابي بالحزن والكآبة، كما أتمنى أن تشغلي نفسك بكل مفيد، سواء في مجال التحصيل العلمي أو في مجال الدعوة، لأن ذلك سيجعل الوقت يمضي بسلاسة، وتكونين قد استفدت من هذه المدة.

أنت لم تتخلي عن دراستك الشرعية، بل تعاملت مع الواقع المعيش بواقعية، ولم ترتكبي محرمًا، ويمكن أن يحدث تعديل من خلال تعاون زوجك مع أهلك في تدبير الاحتياجات، فليست السنتين نصية، لكن والدتك تتوقع أن هذه هي الفترة التي تحتاجها فاتركي العاصفة تهدأ ومن ثم تشاوري مع زوجك فيما يمكن عمله وعلى زوجك أن يتفاهم مع والدتك وستتم الأمور بيسر -بإذن الله-.

لا تجعلي للشيطان سبيلاً ليفسد علاقتك مع أهلك، فوالدتك لا تبغضك ولا أحد من أهل بيتك؛ بدليل أنهم يريدون أن يكون عرسك متميزًا وهذا دليل حبهم لك.

أتمنى أن تقدما أنت وزوجك اعتذاركما لوالدتك وأن تتملقا لها بالكلمات الرقيقة، واطلبا منها الدعاء، وعليك أن تجتهدي في خدمتها وإعانتها في أمور البيت؛ فلن تجدي قلبا حنونا ومحبا لك مثل قلب أمك ثم قلب أبيك.

لتفريج همومك الزمي الاستغفار فهو من أسباب ذلك يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجًا).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت في حال صلاة وسجود، وسلي الله تعالى أن يلين قلب والدتك، وأن يوفق زوجك للتعاون مع أهلك، وأن ييسر أمرك وكوني على يقين أن الله سيستجيب لك.

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك سيجلب الطمأنينة لقلبك، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسعد كثيرا بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة، وأن يعجل لك بالفرج إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً