الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش مع زوجتي في معاناة بسبب تطاولها وعنادها وتقصيرها!

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوج منذ عامين، زوجتي عنيدة لا تستمع إلي وتتطاول علي، تفضل عائلتها علي، وتبعدني عن أهلي من أجلها، عندما أنصحها لا تقبل النصيحة، أدعوها إلى الفراش فلا تستجيب، وعندما أجامعها كأنني مع ميت.

إذا أرادت الذهاب إلى مكان معين، ورفضت، لا تتحدث معي لثلاثة أيام، وعندما تريد حاجتها، تأتي وترغب وتبدأ بالإغراء، ولكن عندما أطلب منها شيئًا، تغضب علي.

لم تتزين لي منذ يوم طلبت منها ارتداء الخمار، وفي كل مشاجرة بيننا تطلب الطلاق، أقسم بالله منذ يوم زواجي لم أتذكر الطلاق حتى في الخيال، ولكن هذه الفترة جعلتني كل يوم أفكر في الطلاق، لدرجة أنني حتى النوم لا أنام، وأفكر أن أقول لها "أنت طالق".

زاد الأمر وأمتلأ الكأس، بالأمس صارحتها لكي لا يبقى بيننا كره، وتتدهور هذه العلاقة، ولكن لا حياة لمن تنادي، حتى أصبحت لا تتكلم.

إذا نظرنا إلى حكم الدين في إهانة الزوجة لزوجها، نجد أنه لا يجوز للمرأة أن تهين زوجها بالكلام أو الفعل، حتى لو أخطأ في حقها، فهو أقرب إليها من والديها، ولن تدخل الجنة إلا إذا رضي عنها ورضي عليها، فهو جنتها ونارها.

أنا حافظ لكتاب الله وأتعلم الفقه، لكن أردت أن أستشيركم؛ لأنني كل يوم أشعر بتدهور صحتي، خفت أن أظلمها، أطلب من الله ثم منكم المساعدة؛ لأنني لم أعد أتحمل، حتى مفهوم الحوار لا تفرق بين الحوار والجدال.

أسألكم الدعاء، أخوكم في الله ومحبكم، أسألكم الدعاء أحبتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجتك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنها سيئ الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرف سيئها إلَّا هو.

نحن حقيقة نشكر بداية الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي صبرك على هذه الزوجة، وأرجو أن تدرس الموضوع دراسة هادئة، وكما نرجو أن تبدأ أولاً بالدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فإن قلب هذه الزوجة -وقلوب الناس جميعًا- بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرّفها.

الأمر الثاني: أرجو أن تحشد ما فيها من إيجابيات، ثم تقارنها مع السلبيات الموجودة، وهذا توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر).

الأمر الثالث: أرجو أن تتعرف على أسباب تمرُّدها، ولماذا ترفض التعليمات، ولماذا لا تستجيب لك، فالإجابة على هذا السؤال مهم جدًّا؛ حتى يتدارك الإنسان بعض المسائل التي ربما يحتاج أن ينظر إليها.

رابعًا: لا مجال للزوجة إلَّا أن تطيع زوجها في كل ما يأمرها به، إلَّا إذا أمرها بمعصية، وإذا طلب منها شيئاً فينبغي أن تلبي، وينبغي أن تُبادر قبل أن يطلب، وتعرف احتياجات الزوج وتفهم نفسيته، وأعتقد أيضًا أن فترة العامين غير كافية، وأرجو أن تدرس الموضوع دراسة شاملة، ولكن في النهاية أنت صاحب القرار، والله تبارك وتعالى جعل هذا الأمر (الطلاق) بيد الرجل؛ لأنه الأعقل؛ ولأنه يعرف مآلات الأمور وعواقبها.

عليه أرجو دراسة الموضوع دراسة شاملة، وإذا كان هناك مجال أن تتواصل الزوجة مع الموقع وتكتب ما عندها، أو تتفقوا على كتابة استشارة مشتركة، تذكر وجهة نظرها وتذكر أنت ما عندك؛ حتى تستمعوا إلى التوجيه من طرف خارجي.

نكرر التحية لك على هذا الصبر، والإحسان للزوجة، والحرص على إصلاحها، وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، وهذا أيضًا أمرٌ تُشكر عليه، وأرجو أن تكون البداية بالصلاة وبتعميق الإيمان، فالإيمان هو الذي يأتي ببقية الأشياء، شجعها على أن تُطيع ربها تبارك وتعالى؛ ليفتح الله عليكم وييسّر أموركم.

ونتمنَّى أيضًا أن توفق بين حقوق الأسرة -الوالدين خاصة- وبين ما تستحقه الزوجة؛ فإن الشريعة التي تأمرك بالإحسان إلى الزوجة هي الشريعة التي تأمرك بالبر بوالديك، وهذه الأمور ينبغي أن تكون واضحة أمامك وأمامها وأمامنا جميعًا، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

وأيضًا من المهم جدًّا أن تتعلم أحكام الشرع وتعرف الأشياء التي ينبغي أن تؤدّيها، وأنها ينبغي أن تُقدّم طاعة الزوج، وأن الذي أمر بطاعة الزوج هو خالق الزوج والزوجة.

نسأل الله أن يعينك على الخير، وأيضًا عندما تحاور الزوجة أرجو أن تُحدد محور النقاش، كأن تقول: (أنت ما شاء الله جيدة في كذا، وكذا، وكذا، لكن نريد أن نناقش الموضوع الفلاني) تُحدد؛ لأن أي حوار مع المرأة ما لم يُحدد الإنسان النقطة التي يريد أن يحاورها سيخرج من الحوار نادمًا؛ لأن الحوار يتشعَّب، المرأة تنظر للأمور بهذه الطريقة، ولذلك أرجو أن يُدار الحوار في وقت جيد، ونفسية جيدة، وبعدها ذكر الإيجابيات التي فيها، ثم بعد ذلك تحاور وتناقش الأمور التي تحتاج فيها إلى تحسُّن، أو تقدّمٍ فيها، أو الالتزام بقاعدة أو ضوابط شرعية.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً