الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوسوس أني وقعت في الشرك بسبب مصافحة النساء!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أحياناً أصافح بعض النساء بسبب الحرج، وأنا أكره هذا الفعل، وأعلم أن مصافحة النساء محرم، فهل هذا الفعل يعتبر من شرك الخوف؟

أحتاج تفصيلاً في هذه المسألة، فأنا أعاني من الوسوسة، وأخاف من الوقوع في الشرك.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أيها الحبيب– في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يصرف عنك الوساوس ويقيك شرَّها.

ثانيًا: نرجو –أيها الحبيب– أن تأخذ بالأسباب التي تخلصك من هذه الوساوس، فإنها شرٌّ مستطيرٌ، إذا تسلَّطت عليك أفسدتْ عليك حياتك كلها، وأوقعتك في أنواع من المصاعب والحرج؛ ولهذا فالخير كل الخير أن تكون حازمًا جادًّا في التخلص منها، والتخلص منها له أسبابه وعوامله، وقد وصَّى النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن أصابه شيء من الوسوسة بأمورٍ ثلاثة:

أهمُّها وأوَّلُها: الإعراض عنها تمامًا، وعدم الاشتغال بها، فلا ينبغي أبدًا أن تتفاعل معها، ولا أن تبحث عن إجابات عن أسئلتها، ولا أن تترك شيئًا من أجلها.

الأمر الثاني الذي وصى به النبي -صلى الله عليه وسلم-: الاستعاذة بالله تعالى من شر الشيطان، ومن شرِّ هذه الأفكار كلَّما داهمتك.

الثالث: الإكثار من ذكر الله تعالى؛ فإن ذكر الله تعالى حصنٌ للمسلم يتحصَّنُ به، ويطرد عنه الشياطين وشرورها.

إذا فعلت هذا –أيها الحبيب– فإنك ستتخلص -إن شاء الله تعالى- من هذه الوساوس.

هذا السؤال الذي وضعته الآن هو أيضًا أثر من آثار هذه الوساوس؛ ولذلك فالخير كل الخير ألَّا تبحث عن إجابات لهذه التفاصيل، ولا تشتغل بها.

وقوعك في بعض المنهيات أو المحرمات بسبب حيائك، فالحياء هنا مرفوض طبعًا، لأن الحياء إذا كان مانعًا من القيام بفرائض الله تعالى، أو مانعًا من اجتناب ما حرَّم الله تعالى؛ فإنه حياء مذموم، لا يحبُّه الله تعالى ولا يرضاه، فإذا صافحت النساء الأجنبيات بسبب هذا الحياء، خوفاً من أن تُتهم بشيءٍ أو نحو ذلك؛ فإن هذا محرَّمٌ شرعًا، ولكنّه ليس من الشرك في شيء، لا في قليلٍ ولا في كثيرٍ، فاجتنب هذه الوساوس والأوهام، واجتنب الوقوع في المحرّم، فإن امتناعك عن مصافحة النساء الأجنبيات أمرٌ يتقبّله الناس، وليس شيئًا غريبًا، فيفعله كثير من الناس، ولهم مقامات اجتماعية كبيرة.

إذا خشيت ضررًا في موقفٍ من المواقف، وفعلت هذا المحرّم لتجتنب به ما هو أكبر ضررًا عليك منه؛ فهذا يحتمله التصرُّف الشرعي، ويمكن أن تُعذر فيه، لأن الشريعة قائمة على الموازنة بين المفاسد والمضار.

لكنّ الموضوع الأهم هنا هو أنك لا بد أن تتغلّب على هذه الوساوس، وتجتنب التفاعل معها، وأن هذا الفعل ليس من الشرك في شيء، وأن الخوف الذي يكون شركًا بالله تعالى هو خوف العبادة، يعني أن يخاف الإنسان غير الله تعالى كخوفه من الله، وخوف الله تعالى مصحوب بالإجلال والتعظيم والمهابة، واعتقاد أنه الضار النافع، وأنه الذي يقدر على ما لا يقدر عليه غيره من الخلق، فكلّ هذه الاعتقادات المصاحبة للخوف هي التي تجعله عبادة لله تعالى، ولا يجوز صرفُه بهذه الصورة إلى غير الله، فإذا خاف الإنسان من غير الله، كخوفه من الله تعالى في كل هذه التفصيلات؛ فهو حينها قد صرف شيئًا من عبادته لغير الله، فيكون قد وقع في الشرك، وما ذكرتَه أنت في سؤالك، ليس من هذا القبيل في شيء.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير، ويثبتك عليه، ويصرف عنك كل مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً