الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعتذرت من صديقتي بسبب سوء فهم، لكنها لم تقبل اعتذاري!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

صديقتي غضبت مني بسبب موقف لم أكن أقصد الإساءة فيه أبدًا، ضحكت على شيء ما، وكانت ضحكتي طبيعية تمامًا، لكنها اعتبرتها استهزاءً وغضبت مني، ما أزعجني أكثر هو كلامها الجارح الذي لا أستطيع نسيانه، وأشعر بأنه جعلني أشك في صداقتنا.

لقد اعتذرت لها، وقلت: إنني لم أقصد أبدًا أن أضحك عليكِ، لكن يبدو أنها لم تصدقني، على الرغم من أني أتعرض منها أحيانًا لتصرفات مزعجة أو محرجة، إلَّا أنني أتحملها لأنها صديقتي وأعتبرها كأخت، لكن ما حدث جعلني أشعر أنها لا تعاملني بالمثل، علمًا أن صداقتنا استمرت لأكثر من أربع سنوات، فكيف يمكنني التعامل مع هذا الموقف وإصلاح الأمور، أو على الأقل فهم ما يحدث؟

أشعر أن كلامها كان جارحًا ولم أتوقع أن تتحدث معي بهذه الطريقة، حتى الآن لا أستطيع نسيان ما حدث، ولا أعرف كيف أتصرف، أنا في حيرة شديدة، وأحتاج نصيحة ترشدني إلى الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذا الموقف، كتبت لها رسالة اعتذار، لكنها لم ترد عليها ولم ترها حتى الآن.

أرجو منكم نصحي، وجزاكم الله خيرًا على جهودكم، وأشكركم من أعماق قلبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الصديقة، ونسأل الله أن يُؤلِّف القلوب وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

لا شك أن الإنسان وهو يُخالط الناس يحتاج إلى صبر، والمؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خيرٌ من التي لا تُخالطُ ولا تصبر، ويحدث بين الأصدقاء أحيانًا سوء تفاهم، وقد يتدخل الشيطان من أجل أن يُفسد هذه الصداقات، ونحن ننصحك بما يلي:

أولاً: أحسنت عندما اعتذرت لها، وأرجو أن تُكرري الاعتذار، وتُبقي معها شعرة العلاقة.
الأمر الثاني: ينبغي أن نعتدل في المزاح، عندما يحدث المزاح بين الصديقات؛ فينبغي أن يكون في حدود المعقول.
الأمر الثالث: ينبغي أن نجتهد في قهر الشيطان، فلا نقابل السيئة بمثلها، ولكن ندفع بالتي هي أحسن، كما هو منهج القرآن ومنهج الإسلام، الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
الأمر الرابع: ينبغي أن نوقن أن الإنسان أحيانًا تكون عنده ظروف خارجية، أو ضغوط، أو في حالة نفسية، وخاصة بناتنا، أحيانًا تتأثّر نفسيتها قبل العُذر الشرعي، في بعض الأوقات يأتيها نوع من التغيُّر، فيكون مزاجها متعكّراً، أيضًا وجود آخرين أثناء المزاح؛ هذا له أثر.

ولذلك أرجو أن تكوني دائمًا كبيرة كما أنت؛ لأن هذه الاستشارة تدل على حرصك على الخير، وأنك راغبة في الخير، فاقبلي هذه الصديقة، وكرري الاعتذار، وقومي بما عليك، ودائمًا احرصي على أن تكوني الأحسن دائمًا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في المتهاجرين: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا ‌الَّذِي ‌يَبْدَأُ ‌بِالسَّلَامِ».

فكوني مُصِرَّة على أن تُصلحي هذه العلاقة، ومستقبلاً استفيدي من هذه التجربة، بأن تعاملي كل إنسان بما يُناسبه، بما يصلح معه، والإنسان من حقه أن يُقرِّب الصديق ويُباعد الثاني، تُقرّبي صديقة وتُباعدي الثانية؛ لكن من المهم أن تُبقي شعرة العلاقة مع كل الصديقات وكل الزميلات.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونكرر لك الشكر على الاهتمام والسؤال، وأيضًا نطالبك بأن تواصلي الاعتذار، وتُدخلي مَن يمكن أن يُصلح ما بينك وبين هذه الصديقة، والإنسان يتعلّم من مثل هذه المواقف، بحيث أنه يعرف المواقف التي قد لا تقبلها الصديقة، فتتفاداها، ونسأل الله أن يُعيننا جميعًا على طاعته، وأن يغفر لنا الزلَّات والذنوب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً