الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقعت في ذنب مع فتاة وتبت منه، فهل سيعاقبني الله في أهلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أقمت علاقة مع فتاة حينما كنت بعمر 19 سنة، وفي أحد الأيام تحولت العلاقة من صداقة إلى حب، وحدث ما لم نخطط له أبدًا من تجاوزات لا يرضاها الله، ومنذ ذلك اليوم وأنا نادم ومقهور، وأفكر كثيرًا بما فعلناه، وندمت ندمًا شديدًا، وعاهدت نفسي بعدم العودة إلى ذلك الذنب، وأن أخطب الفتاة مستقبلًا؛ ليغفر الله لنا ويسامحنا؛ ولأني أخاف على عرضي، وحتى لا يفعل بأهلي كما فعلت.

أنا نادم وأفكر كثيرًا بالذنب الذي حصل منذ 10 سنوات، وخائف على عرضي، فأنا أوسوس وأقول: هل ما أخاف منه سيحدث؟ مع العلم تحدثت مع الفتاة منذ عدة سنوات بعد انقطاعنا، وأخبرتها برغبتي بالزواج منها، ولم أخبرها بالسبب، ولكنها رفضت طلبي، وقالت: إن فكرة الزواج ليست من أهدافها، ولا تريد الزواج الآن.

أنا حائر، وأوسوس كثيرًا، وأخاف كثيرًا على عرضي، فهل عندما يخاف الإنسان من شيء يحدث له؟

أرجو منكم الرد بأسرع وقت، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يزن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دينك ودنياك.

أخي الكريم: إننا نحمد الله أن تاب عليك فتبت إليه، نعم تاب الله عليك أولاً، ولذلك يسر لك التوبة، فاحمد الله على ذلك، واقرأ معي قول الله تعالى: {ثم تاب عليهم ليتوبوا}، -فالحمد الله- على الهداية و-الحمد لله- على الثبات.

ثانيًا: من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن من تاب من ذنبه وتاب الله عليه، ارتفعت عنه عقوبة هذا الذنب في الدنيا والآخرة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" [أخرجه ابن ماجه].

والله عز وجل حيي ستير، وهو أكرم من أن يستر عبده وهو عاص، ثم يفضحه في نفسه أو أهله بعد أن تاب إلى الله، فعن ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ".

فالتوبة تمحو ما قبلها من الإثم، والشخص بعدها يعود كما كان قبل الذنب، والله لا يعاقبه ولا أهل بيته على ذنب تاب منه، يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا شرعًا ولا قدرًا"، وعليه فطب نفسًا -أخي-، وتفرغ لعبادة ربك وأنت مطمئن القلب هادئ النفس، المهم أن تثبت على الحق، وأن يري الله منك ما يحبه ويرضاه.

أخي الكريم: إننا نحمد الله أن الفتاة لم تستجب لطلب الزواج منها؛ لأن زواجك منها كان بعضه اقتناعًا، وبعضه تأنيب ضمير، والحق أن مثل هذا الارتباط له عقبات كثيرة بعد الزواج، -فالحمد لله- على فضله.

وإننا ندعوك إلى البحث عن فتاة صالحة برة تقية، واحذر أن تخبرها بما كان منك، حتى لو سألتك لا تعترف لها بذلك، فما حدث ذنب بينك وبين الله وقد تبت منه، فاجتهد في نسيانه، ولا تخبر به أحدًا قط.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً