الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الفرق بين السؤال عن العلم النافع وبين الاشتغال بالوساوس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن يتسع صدركم للجواب عن سؤالي بشكل خاص، وألا تحيلوني إلى فتاوى أخرى، حتى تتم الفائدة.

أنا شاب تأتيه أسئلة كثيرة في الدين، وشغفه أن يتفقه فيه، حتى يصل إلى رضا مولاه، ولكني -عدة مرات- أُقابل بالزجر عن تتبع الوساوس الشيطانية، أو التكلف في السؤال والإكثار منه.

كيف لي -وأنا لست بعالم- أن أميز بين "الشبهة" التي علي الالتفات إليها والسؤال عنها لأزيلها من قلبي، وبين "الوسوسة" التي علي الإعراض عنها وعدم الوقوف عندها حتى تزول؟

أنا حزين، لأن هدفي من الأسئلة ليس اتباع الوساوس، أو التسلية وتضييع الوقت كما يظن البعض، ولكن ليطمئن قلبي، وأعلم أن صحابياً قد بلغ ما بلغ من العلم بـ(لسان سؤول) و(قلب عقول)، ألا يدل هذا على أن كوني سؤولاً في ديني سيؤدي إلى كوني عقولاً فيه؟

إذا كنت أُزجر من قِبَل أهل الذكر الذين أمرني ربي بسؤالهم، فمن عساي أسأل؟

أرجو منكم رداً شافياً، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نحن سعداء جدًّا بتواصلك معنا، ومسرورون بحرصك على تعلُّم دينك والسؤال عنه، ونحن نُشاركك الرأي -أيها الحبيب- بأن السؤال سببٌ أكدٌ لتحصيل العلوم، فهو مفتاح العلم.

لقد أخبر الله تعالى في كتابه عن أسئلة كثيرة وُجّهت للنبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال حين الجهل، وذمَّ مَن صبر على جهله ولم يسأل، ووصف الجهل بأنه داء ومرض، وأن شفاءه يحصل بالسؤال، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما شفاء العيِّ السؤال).

السؤال عن العلم النافع عبادة عظيمة، ينبغي للإنسان أن يتقرّب بها إلى الله سبحانه وتعالى ويُكثر من السؤال عمَّا ينفع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصانا بالحرص على النافع، فقال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).

ما أكثر ما يحتاج الإنسان المسلم إلى السؤال عنه من أمور دينه، فهو يحتاج إلى أن يسأل عن أمور طهارته، وصلاته، وصيامه، وزكاته، وغير ذلك من العبادات التي يُمارسها، كما أنه بحاجة إلى أن يسأل عن الأحكام المتعلقة بأحكام مهنته التي يُزاولها، فهذا كلُّه ميدان للسؤال ينبغي للإنسان أن يُكثر من الأسئلة التي تجلب له العلم الذي ينفعه.

أمَّا الوسوسة فهي شكوك وأوهام، ولهذا فهي مرض للإنسان عليه أن يتجنب الوقوع فيها، وإذا أصيب بشيءٍ منها فإنه يجب عليه أن يأخذ بأسباب الشفاء منها، ومن أهم الأسباب: الإعراض عنها، فكل أسئلة تُورثُ شكًّا في دينك أو في عباداتك فإنها من هذا الجنس الذي ينبغي لك الإعراض عنه.

احذر -أيها الحبيب- من أن تجرّك الوساوس إلى الإِيغال فيها والغوص فيها تحت مبرر ليطمئنّ قلبي؛ فإن هذه حيلة شيطانية يريد من خلالها إيقاعك في شراكه ومصيدته، فالوسوسة لا علاج لها إلَّا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الإعراض عنها، وقد قال عليه الصلاة والسلام لمن أُصيب بالوساوس: (فليستعذ بالله ولينته) وفي رواية: (وليقل: آمنت بالله).

نظنُّ أنه بهذا قد اتضح لك الفرق بين السؤال عن النافع وبين الاشتغال بالوساوس والانجرار وراءها، وأنت مطالبٌ بالإكثار من الأول والإعراض عن الثاني، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك للخير وييسّره لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً