الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تخاف عليّ وتراقبني كثيرًا وأنا أتضايق من ذلك، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في العشرينيات من عمري، مشكلتي هي أمي، تخاف علي لدرجة كبيرة، إذا ذهبت للجامعة تتصل بي دائماً، وإذا لم أرد تشك بي! ولا تجعلني أخرج لأشتري شيئاً بمفردي، ولا تجعلني أخرج مع صديقتي، والأكبر من ذلك تنظر لي من الشرفة قبل دخولي مدخل البناية، ولا تجعلني أدخل مدخل البناية بدون أن تتابعني من الشرفة.

أنا تعبت من كل هذا! هل أفعالها منطقية؟ أشعر أني أصبت بالتوحد بسبب خوفها الزائد، هل يعتبر عقوقاً إذا اتصلت بي ولم أرد عليها؟ أو إذا خرجت بدون موافقتها؟

أريد أن تكون أكثر ثقة بي عند خروجي من المنزل، كما أنها تشك بي كثيراً، وتخاف علي من إخواني، لا تتركني نائمة وتخرج وهم في البيت، كما أنها إذا خرجت تشتري شيئاً وكنت أنا بمفردي في البيت تقفل الباب علي من الخارج بالمفتاح، وأنا في الـ 20 من عمري! لا يهمها إذا انفجرت البناية وأنا محبوسة بالداخل، المهم ألا يدخل علي أحد أو يتحرش بي!

أنا تعبت! من فضلكم أريد حلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعترف بأن الوضع الذي وصفته يبدو صعبًا ومحبطًا للغاية، ويبدو أن أمك تعاني من قلق شديد بشأنك، الخوف الزائد والحماية المفرطة من الأهل قد تأتي من مكان حب ورغبة في الحفاظ على سلامتك، ولكن في بعض الأحيان قد يكون ذلك غير صحي، ويؤدي إلى تقييد حرية الشخص، وتقليل ثقته بنفسه.

بالنسبة لسؤالك عن منطقية تصرفات أمك، من الواضح أنها تتجاوز الحدود في بعض الأحيان، وقد تحتاج إلى المساعدة في التعامل مع مخاوفها، ولكن لنا أن نتساءل: هل بدر منك أو من أحد في محيطك -ولو بغير قصد- ما قد يؤدي إلى هذه المخاوف من جهة الوالدة؟ إن حدث شيء من ذلك، فنكون قد توصلنا إلى فهم بعض دوافع هذا السلوك، ونلتمس بعض العذر للوالدة، وإن كان هذا الأمر يسبب الضيق، ولكنه ولا شك نابع من الخوف والحرص عليك.

إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للتعامل مع الوضع:

1. قد يكون من الصعب فتح حوار حول هذا الموضوع مع أمك، ولكن من المهم أن تعبري عن مشاعرك بطريقة هادئة ومؤدبة، أوضحي لها كيف تشعرين، وكيف أثرت تصرفاتها على حياتك.

2. مع شدة هذا الوضع من أمك، لكن لا بأس بالتفريق بين حالات معينة، مثل أن تظل الأخت مع أحد إخوانها في البيت، فمثل هذه الحالة الأفضل أن يكون معهم شخص ثالث، حتى لا يكون هناك مدخل للشيطان، ومع ذلك فهذا لا يبرر لها إغلاق الباب بالمفتاح عليك في البيت، فهذا التصرف يحمل خطورة فيما لو وقع حريق أو زلزال -لا قدر الله-.

3. في بعض الأحيان، قد تحتاج إلى المساعدة الاحترافية للتعامل مع مثل هذه المشكلات، قد يكون من المفيد البحث عن مستشار نفسي، أو طلب المشورة من أحد شيوخ الدين، أو شخص ذي خبرة للتوسط بينك وبين أمك.

4. حاولي تطوير مهاراتك الشخصية، وبناء ثقتك بنفسك، قد يكون ذلك من خلال البدء بأخذ بعض المسؤوليات البسيطة، ثم التقدم تدريجيًا إلى المزيد من الاستقلال.

5. حاولي التحدث مع أحد أفراد العائلة الآخرين أو الأصدقاء حول هذا الوضع للحصول على وجهة نظر أخرى، أو البحث عن الدعم.

6. قد تسألين: هل ينفع أن أضع حدوداً بيني وبين أمي في مثل هذه الحالة؟ والجواب هو: أن هذه الحالة تحتاج لدراسة ومعرفة ملابسات الأم، وإذا ما كان لديها أفكار وسواسية أم لا، فإن كان لديها أفكار وسواسية، فمن المناسب مساعدتها على تجنب هذه الأفكار، سواء بالحوار الهادئ معها، أو أخذ المشورة من الطبيب النفسي كما قلنا من قبل، أو المرشد الاجتماعي والسلوكي الذي يمكن أن يقدم المشورة المفيدة في ذلك. ولتجتهدي في إرضاء أمك والحرص على برها والفوز برضاها.

أسأل الله أن يهديكِ ويفرج عنكِ، ويسهل لكِ الأمور.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً