الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل عليّ التغاضي عن بعض الأمور ليتم زواجي؟

السؤال

السلام عليكم
أنا -يا شيخ- فتاة -الحمد لله- على خلق ودين، متعلمة، وأملك من النعم التي منّ الله عليّ الكثير، وراضيةٌ بحياتي، كانت قد تمت خطبتي منذ سنوات -وللأسف- قد فسخت، ومنذ ذلك الحين يتردد عليّ عددٌ من الخطّاب الذين كنت أرفضهم لأسباب مختلفة، وآخر شخصٍ كان رجلاً مطلقاً قد تقدم لي، وعند سؤالي له عن سبب الانفصال؛ ما لبث يتحدث عن خصال زوجته السابقة، أنه تعرض للخداع، وأنها كانت تعاني من الكثير من الأمراض العضوية والنفسية، وأنه كان يعاني بسببها، ولم يتوقف عن الحديث عن مواضيع أكثر من هذه، والغريب أنه بعد طلاقها منه تزوجت واستقرت، والأغرب من هذا أن أصدقاءه على علم بمشاكله، والمشكل أن زوجته السابقة كانت تعاني من فقر دم بسيط، وهو يمدح نفسه طوال الوقت ويعدني أنه سيجعل حياتي جنةً، ولكن للأسف لم أستطع تصديقه، ولا تقبّل حديثه عن زوجته، والتي أصبحت متزوجةً بهذا الشكل.

أنا رفضت هذا الشخص على الرغم من كونه شخصاً ثرياً، ولكن في كل مرة يتم لومي على عدم قبولي به، وينعتونني بأن عدم زواجي راجعٌ لاختياراتي الصعبة وشروطي، وعدم القبول الذي أبديه للخاطبين، ولكن أنا في الحقيقة لا أضع أي شروط مادية، أنا أبحث عن شخصٍ بسيطٍ ومتواضعٍ ويخاف الله، وفي كل مرة أصلي الاستخارة في أي أمر من الأمور وأترك أموري لله، رغم تمتعي بحرية التصرف كنت دائماً أربط تصرفاتي بتقوى الله، لم أقم بأي علاقات محرمة، وأرفض أي تواصل محرم مهما كان السبب، أرغب في الزواج وتكوين أسرة، ولكن كل من تقدم لخطبتي ليس أهلاً لذلك أو تتوقف لسبب معين أو بدون سبب.

أنا أؤمن أن الزواج نصيبٌ مكتوبٌ، وأن قبولي أو رفضي لا يغير القدر، وأدعو الله كثيراً أن يرزقني ويرضيني بالزوج الصالح الذي يرضاه لي، ولكن كلام الناس أصبح يزعجني، ورؤيتي للجميع من حولي يتزوجون بالأشخاص المناسبين لهم تجعلني أتساءل هل يجب أن أتغاضى عن بعض الأمور؟

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sissillialina حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يضع في طريقك من يسعدك وتسعدينه، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

بداية: أرجو أن تعلمي -ابنتنا الفاضلة- أن المرأة لا يمكن أن تجد رجلاً بلا عيوبٍ، كما أن الرجل لا يمكن أن يجد على كوكب الأرض في هذه الدنيا امرأةً بلا نقائص، فنحن بشر والنقص يطاردنا، ومن هنا لا بد أن نكون واقعيين في اختياراتنا؛ ولذلك الشريعة تدعونا إلى أن نقدم الدين، (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) قال عن الزوجة فاظفر بذات الدين، إذا قدم الإنسان الدين وتنازل عن بقية الأمور التي ربما يشعر أن فيها نقصاً فإن حياته يمكن أن تستقيم؛ لأن الدين يصلح الخلل.

وكل كسر فإن الدين يجبره ** وما لكسر قناة الدين جبران

ونحن لا نريد أن نعود معك إلى الوراء، ولكن نؤكد أيضاً أن الأمور تجري بقضاء الله وقدره، ولا بد من فعل الأسباب، ولا ننصح الفتاة بكثرة الرد للخطاب، ولكن علينا أن نرضى بالشروط المعقولة، خاصة ممن يأتي ليطرق الباب ويأتي بطريقة شرعية وصحيحة؛ لأن هذا دليلٌ على جديته، ودليلٌ على حرصه على المدخل الحلال إلى بيوت الناس عبر المجيء إلى البيوت من أبوابها، وما حصل من رفض قبل اليوم لا إشكال فيه، ولكن أرجو أن يكون لك اهتمام بمن يطرق الباب بعد اليوم.

من الضروري أن تجعلي نظرتك شاملة، فلا تنظري إلى جانب دون آخر، ولكن البداية بالدين، وبعد ذلك لا مانع من النظر إلى بقية الأشياء الأخرى، لكن يظل الدين هو الأساس وهو الأصل، ونحب أن نؤكد أيضاً هذا الكلام للرجل وللمرأة، لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.

كذلك المرأة إذا أزعجها في الرجل جانبٌ فقد تعجب بجوانب أخرى، وإذا بلغ الماء قلتين لا يحمل الخبث، فنسأل الله أن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح وبسرعة، وأن يضع في طريقك من يخاف الله ويتقيه ليسعدك وتسعديه، وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً