السلام عليكم

جاء أبي ليقضي بعض الوقت معي ومع أحفاده، والآن يرفض مغادرة بيتي؛ مما يضعني في حرج مع زوجتي التي من حقها بيت مستقل.

أنا أعيش في أمريكا، وقدمت لوالدي للهجرة إلى هنا، ليسهل ذهابه وإيابه، استقبلته في بيتي ثلاثة شهور، والآن يرفض العودة، ويطلب أن أوفر له شقة مستقلة ليغادر بيتي.

علماً بأني كنت أرسل المال لعائلتي، ليعولهم في بلدهم، والآن يطلب مني أن أعوله هنا، بدون أن يأبه لتكاليف المعيشة لزوجته وأولاده الباقين، فكيف أتصرف في هذا الموقف؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابننا وأخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر والديك وأمر زوجتك؛ لأن الشريعة التي تأمرك بالإحسان لوالديك، هي الشريعة التي تأمرك بحسن المعاشرة والوفاء لزوجتك، نسأل الله أن يعينك على القيام بكل هذه الواجبات، وأن يستخدمك في طاعته، وأن يوسع عليك في الرزق.

لا يخفى عليك أن هذه من المعادلات الصعبة، والتي يحتاج الإنسان فيها أن يستدعي الفقه الشرعي، ونسأل الله أن يعينك على الخروج من هذا الموقف، ونتمنى أن يكون لأهلك في البلد الذي ترسل له الأموال دور، كأن يطالبوا بعودة الأب إليهم، ويكونوا هم من يتدخلون، هم من يقولون له لعل هذا يلحق بنا الضرر، فابنك لا يستطيع أن يوفق بين الصرف علينا، وبين تكلفة إقامتك هناك، ويعبروا عن اشتياقهم إليه، ورغبتهم في رجوعه إليهم، فإذا عاد لهم، فربما بعد ذلك لا تتيسر له مسألة الزيارة مرة أخرى.

في مثل هذه الأحوال، الإنسان ينبغي أن يحتال بالحيل الشرعية الصحيحة، التي فيها تطييب لخاطر الوالد، فيها دفع للضرر عنك، ودفع للأذى أو الضيق عن زوجتك، وبداية نحب لهذه الزوجة أن تكمل معروفها، وأن تساعدك بالصبر.

نحن نوقن أن الأمر ليس سهلاً عليها، ولكن أيضاً كما يقال: من أجل عين تكرم ألف عين، فالزوجة الوفية تقدر مثل هذه المواقف، كلنا يعرف أن كبار السن قد يتصلبون في بعض المواقف دون أن يحسبوا حسابها.

على كل حال: أرجو أن تدير هذا الملف بمنتهى الهدوء، ونتمنى أن تجد من العقلاء والفضلاء من أهلك والوالدة والإخوان من يعينك على الخروج من هذا الموقف، وأن يجعل الوالد يكتفي بالمدة التي بقي فيها عندكم، ويقتنع بالعودة لبلده؛ ليطمئن على أولاده، ويطمئنوا عليه، يمكن أن تكون العودة تحتاج إلى هذا الشعار، وأيضاً ينقل لهم بعض الهدايا، ويمكن أن يعطى بعض المصروف ليذهب به، ونحو ذلك من الأمور التي تشعره بأنه مرغوب فيه هنا وهناك، ولكن أولاده وبيته وأسرته والناس ببلده بحاجة إليه، فقد اشتاقوا إليه طوال هذه المدة التي غابها، ونحو هذا الكلام، واستخدام مثل هذه الحيل.

إن تعسر هذا، فأرجو أن لا تصل إلى مرحلة إغضاب الوالد، ونسأل الله أن يوسع عليك في المال حتى تذهب للخيار الثاني، وهو بقاؤه عندك إذا كان ذلك ممكناً.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.