الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البيئة التي حولي سيئة وأنا أريد أن أتوب، فما توجيهكم؟

السؤال

لدي انفصام كبير في الشخصية، كنت أصلي، لكني توقفت، لقد غلبتني نفسي، أنا مسلم وأريد الرجوع إلى الله بأي طريقة؛ لأني عصيته عدة مرات، لا أريد أي شيء من هذه الدنيا، لا مالًا ولا أي شيء، أريد أن أعود إلى الله، وأن يغفر لي؛ لأني كبرت وسط مجتمع سيء، ولم يرني أحد الطريق الصحيح عندما كنت صغيرًا، لكن الآن عندما وجدت نفسي وحدي ندمت على كل شيء، أريد أن أتحكم في نفسي وعقلي، وأن أعود للطريق الصحيح لا غير.

لدي ردة فعل وغضب سيء، كما أنني أفكر كثيرًا في العمل والمال، ونسيت حق الله.

اللهم إني أشهدك أنه لا إله إلا أنت، وأشهد أن محمد عبدك ورسولك.

نعيش وسط مجتمع سيء، البنات تلهو وتلعب في العالم الافتراضي والواقعي، والرجال كذلك، الوظائف أصبحت لمن له معارف، والخمر والمهلوسات في كل مكان، وأنا وسط هذه الدائرة أحاول الخروج والرجوع إلى الله، لم أجد من ينصحني، ولم أجد لمن أتحدث لقد تعبت حقًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديك وييسّر الهدى إليك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

بداية نُبشّرك بأن الله يقبل التوبة عن عباده، وأنه توّاب، وأنه غفور، وأنه رحيم، بل إنه سبحانه ما سمّى نفسه توابًا إلَّا ليتوب علينا، ولا سمَّى نفسه رحيمًا إلَّا ليرحمنا، ولا سمّى نفسه غفورًا إلَّا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وقال: {وإني لغفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}.

وهنيئًا لك بهذه الرغبة، رغبة العودة إلى الله تبارك وتعالى، ومهما بلغت الذنوب منك وكثرت فإن مغفرة الله أعظم، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم لقيتَ ربّك العظيم لا تُشركُ به شيئًا غفر لك ذلك جميعه، وهو الذي يقول: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، وقال: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليمًا حكيمًا}.

وعليه: نبشرُك بأن (التوبة تجُبُّ ما قبلها)، وأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، و{إن الحسنات يُذهبن السيئات}، وأن الله يُبدِّلُ سيئات التائب حسنات، وأن من صدق الله في توبته وأوبته صدقه، ووفقه، بل مَن تاب إلى الله بإخلاص وصدق وندم وعزم على عدم العود وردّ الحقوق لأصحابها، لا أقول يفوز بمجرد المغفرة، بل يُبدِّل سيئاته القديمة بحسنات جديدة، {فأولئك يُبدّلُ الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيم}.

فهنيئًا لك بهذه الرغبة، وهنيئًا لك بفرح الله تعالى بك حين تتوب، ونبشرك بحب الله لك، فإنه {يُحب التوابين ويحب المتطهرين}.

أمَّا الخطوات:
- أولاً: اصدق في نيتك.

- ثانيًا: أكثر من الدعاء والتوجُّه إلى رب الأرض والسماء.

- ثالثًا: ابحث عن رفقة صالحة، ولو تنتقل من مكانك لتجد مركزاً إسلاميًا، وتجد مَن يُعينك على الخير.

- رابعًا: احرص على طلب العلم الشرعي.

- خامسًا: تخلص من كل ما يجرُّك إلى المعصية (آلات، مواقع، وسائل)، ابتعد عن كل ما يُذكّرُك بالمعصية والغفلة.

ونقول لك: أنت صادق، فالشر كثير، لكن في كل بقعة من الأرض سنجد أخيارًا قلُّوا أو كثروا، والمرء حيث يضع نفسه، فابحث عمَّن يُذكِّرُك بالله إذا نسيت، ويُعينك على طاعة الله إنْ ذكرتَ، ونحن نرحب بك في الموقع كصديق للموقع، تجد عندنا العون والخير، ولا نريد منك إلَّا الصدق مع الله، والبداية بخطوات عملية، والكلام الذي ذكرته لا يحتاج إلى مزيد، فأنت ندمت على التقصير، وهذا يُبشّرُ بخير كثير، وقد عرفت فالزم، الزم طاعة الله، وأقبل عليه، واعلم أن الأيام تمضي بنا والآجال بيد الله، فعجّل بالتوبة، وعجّل بالرجوع إلى الله، واعلم أن العبرة بالخواتيم.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (16287 - 54902 - 254887 - 2110600 - 278495).

نسأل الله أن يختم لنا ولك بخاتمة السعادة أجمعين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً