الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فشلت في حفظ القرآن وفي التفوق الدراسي.. أريد حلًا عاجلًا

السؤال

السلام عليكم.

منذ ثلاث سنوات لم أكن أصلي أبدًا، كنت أتظاهر بالصلاة وقراءة القرآن، وكنت أحفظه تنفيذاً لرغبة أهلي، وكانت ذنوبي كثيرة، من عقوق الوالدين وغيرها، لم أهتم بكلام أحد، ولم أحسب لأحد حسابًا، ورغم هذا كله لم تكن هناك مشاكل أبدًا، ولم أكن أبكي.

كنت دائمًا من الأوائل، ولم أمر وقتها بالكثير من المشاكل، حتى بلغت ففرض عليّ والدي لبس الحجاب، فلبسته رغمًا عني، ولم أقبله أبدًا.

عندما كبرت وفكرت وراجعت ما فعلت قررت البدء بصفحة جديدة، بدأت بضبط النفس، بدأت ألتزم بالصلاة والنوافل وخاصةً قيام الليل، وكنت أبكي بشدة، لن أكذب وأقول: إني لا أفعل شيًئا خاطئًا الآن، ولكني ما زلت أحاول، واستمررت على هذا الحال 3 سنوات، ولكني أهملت القرآن.

الآن أحاول حقًا أن أحفظ القرآن، ولكني أفشل دائمًا مهما حاولت، بالإضافة إلى أن مستواي الدراسي تدنى، ولم أعد كما كنت.

لا يوجد ما أحبه في حياتي، والمشاكل العائلية في ازدياد، ومسافة البعد بين والدي ووالدتي تزداد كل يوم، أصبح الأمر لا يطاق، وهذا له تأثير عليّ؛ لأنه يؤثر على حالة أمي.

هناك الكثير من المشاكل الثقيلة التي لا أستطيع حلها، لا أعلم ما هو الطريق الذي أسلكه، وما حالي مع الله؟ لا أحد يطيقني حتى عائلتي، وليس لديّ صحبة، طاقتي نفذت، وأشعر دائمًا بالضيق والاختناق، والرغبة الملحة في الانتحار وأذى النفس، حاولت أن أسير في الطريق الصحيح، ولكني فشلت!

لقد أصبحت أصلي الصلاة في وقتها، والتزمت بالاستغفار، والأذكار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

من فضلكم أريد علاجًا، وحلاً عاجلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهديك، وأن يردك إلى الحق والخير والصواب.

سعدنا جدًّا لأنك تصلين الفجر في وقته، وتُكثرين من الأذكار والاستغفار والصلاة والسلام على نبينا المختار، وهذه مفاتيح للخير، أرجو أن تواظبي وتداومي عليها، وأبشري بالخير من الله تبارك وتعالى.

ومن المهم أيضًا أن تُحدثي توبة لله نصوحًا، تمحين بها صحيفة الأمس، وتعاهدي الله على السير على الطريق الذي يُرضيه سبحانه وتعالى؛ لأن للمعاصي شُؤمها وثمارها المُرّة، فللمعصية ظلمة في الوجه، وضيق في الصدر، وبغض في قلوب الخلق، وتقتير في الرزق، فتجنّبي ما يُغضب الله تبارك وتعالى، وأقبلي على حياتك بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.

وإذا ضعفت ووقعت في ذنب، فعجلي بالتوبة والرجوع إلى الله، واعلمي أن العظيم الرحيم التوّاب الغفور ما سمَّى نفسه (توابًا) إلَّا ليتوب علينا، ولا سمَّى نفسه (رحيمًا) إلَّا ليرحمنا، ولا سمّى نفسه (غفورًا) إلَّا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

واجتهدي أيضًا في تحسين التعامل مع الآخرين، وخاصة الوالدين، فإن الإحسان لهما من واجبات الشريعة، بل هي عبادة ربطها العظيم بطاعته وعبادته، قال العظيم: {واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}، وقال: {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانًا}.

وإذا وجدت الضيق فأكثري من ذكر الله، فإن الله قال لنبيه: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون}، العلاج: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، وكما أكثرت الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك)، وأكثري من الاستغفار، والإكثار من قول: (لا حول ولا قوة إلَّا بالله)، وترداد دعوة يونس عليه السلام: {لا إله إلَّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، فإن بعدها: {فاستجبنا له ونجيناه من الغمِّ وكذلك ننجي المؤمنين}، وترداد دعاء الكرب: (‌لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم)، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُكثر قولها عند الكرب.

حاولي دائمًا تجنّب الأفكار السلبية، واعلمي أن الانتحار محرَّم، وأنه يجلب للإنسان غضب الله تبارك وتعالى، فهذه النفس لسنا أحرارًا في أن نُتلفها ونؤذيها، ولكن الإنسان ينبغي أن يُكثر من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وعليك أن تُوقني وتؤمني بقضاء الله وقدره، فالكون هذا ملْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله.

كرري المحاولات، وابحثي عن صديقات صالحات يكنّ عونًا لك على طاعة رب الأرض والسماوات، واعلمي أن الفشل المتكرر لا يعني أن نتوقف، فالشيطان لا يريد لنا أن نستقيم ونتوب ونرجع إلى الله، ولكن علينا أن نقابل عدوَّنا ونعامله بنقيض قصده.

نكرر لك الشكر على هذا التواصل الذي يدل على رغبة في الخير، ونسأل الله أن ييسر لك كل أمر، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً