الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأت بحق الناس وتبت لكن ما زال ضميري يؤنبني!

السؤال

السلام عليكم.

أخطأت بحق كثير من الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الأخطاء كبيرة، ولكنني تبت إلى الله، ولكن لا يزال ضميري يؤنبني، فلا توجد أي طريقة للتسامح منهم؛ لأني لا أعرفهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهاجر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يعفو عنك، وأن يغفر لك، وأن يسامحك، وأن يثبتك على الحق حتى تلقاه إنه جواد كريم.

إننا نحمد الله الكريم أن منّ عليك بالتوبة، وأن يسر لك الطريق إليها، فإن حساب الدنيا مهما عظم هين بجوار يوم الدين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أخي: إن التوبة متى ما صدقت فيها مع الله صدق الله معك، فالله يحب التوبة وأهلها قال تعال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، وهي واجبة أخي عليك، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا)، وأنت متى ما استقمت فأبشر بالفلاح؛ لأنها من أسبابه، قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

أخي: اطمئن فباب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه مسلم، وقوله: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر.

أخي: لا بد أن نذكرك بأن التوبة النصوح هي ما اشتملت على ما يلي:
1- الندم على ما سلف من الذنوب.
2- الإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له.
3- العزم الصادق على عدم العودة إليها.
4- رد المظالم إلى أهلها.

وسؤالك حول النقطة الأخيرة نقول لك: إن كانت المظلمة تخص أموال الناس أو أعراضهم فلا بد أن تطلب المسامحة منهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه).

وإذا كانت المظلمة من جهة الغيبة فيجب كذلك أن تطلب المسامحة إلا إذا خشيت من ضرر أكبر، أو جهلت أماكنهم فهنا يجب عليك التوبة، وحتى تكتمل توبتك لمن لم تستطع الوصول إليه فعليك بما يلي:

1- إبراء ساحتهم في الموطن الذي اغتبتهم فيه، وفي حالتك يمكن أن تكتب كلامًا في المكان الذين اغتبتهم فيه فتحسن إليهم، أو أن تقول كلامًا عامًا يفهم كل من قرأه أنك كنت ظالمًا للبعض وأنك تائب من ذلك.

2- كثرة الاستغفار لهم في صلاتك وأماكن خلواتك.

3- التصدق عنهم.

4- إن كانت الأمور خاصة بالمال فعليك أن تبذل كل الوسع في الوصول إليهم، أو ورثتهم إن كانوا أمواتًا، فإن أيست من العثور عليهم فتصدق بهذا المال عنهم على الفقراء والمساكين.

بهذا -أخي- تكون قد تحللت، واحذر الوقوع في هذه المعصية مرة أخرى، ونسأل الله أن يثبتك على الحق، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً